التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون 31 فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون 32 كذلك حقت كلمت ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون 33}

صفحة 3363 - الجزء 5

  لمنفعة، وقيل: من يملك السمع فيسمعها المواعظ، والأبصار فيريها العظات، وقيل: من يملكها بأن يعطيكم إذا أراد، ويسلبها إذا أراد، عن أبي مسلم، «وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ» قيل: النطفة من الإنسان والإنسان من النطفة، وقيل: من يحييكم إذا كنتم أحياء ومن يميتكم إذا متم؟ «وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ» في السماء والأرض من الليل والنهار والإحياء والإماتة، واختلاف أحوال السَّنَةِ، واختلاف أحوال الناس «فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ» يعني: هو اللَّه تعالى يفعل هذه الأشياء، «فَقُلْ» لهم «أَفَلَا تَتَّقُونَ» عقابه في شرككم، وقيل: إذا علمتم ذلك فاتقوا عبادة غيره «فَذَلِكُمُ اللَّهُ» يعني فاعل هذه الأشياء «رَبُّكُمُ» خالقكم «الْحَقُّ» أي: يحق له العبادة وحده، وقيل: كل حق من جهته «فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ» أي: ليس بينهما رتبة ثالثة، فإذا ثبت أن توحيده وعبادته هو الحق ثبت أن ما سواه باطل وضلال «فَأَنَّى تُصْرَفُونَ» قيل: أين يذهب بكم عن الحق، قال أبو مسلم: معناه أين تَذْهَبُون وتضلون، وإن لم يكن هناك غيرهم يصرفهم، كقولهم: فلان مُعْجب بنفسه كذلك، أي: كما وجب على الأمم السوالف العقاب لعصيانهم «كَذَلِكَ حَقَّتْ» وجبت «كَلِمَتُ رَبِّكَ» أي: كلمة العذاب، وقيل: كلمة الوعيد، وقيل: حكمه «عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا» كفروا وخرجوا عن الإيمان «أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ»، وقيل: أراد لأنهم لا يؤمنون، عن أبي مسلم، وقيل: هو إخبار عنهم أنهم لا يؤمنون أبدًا، وهو حق وصدق لأهل الطبع، عن الأصم، وقيل: هو إخبار أنهم لا يؤمنون وهو حق وصدق، عن أبي علي وحده.

  · الأحكام: تدل الآية على دلائل وحدانيته، وإسباغ نعمه على عباده في خلق أرزاقهم وحواسهم، وتدابير أمورهم ومصالحهم.