التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون 34 قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون 35 وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون 36}

صفحة 3365 - الجزء 5

  بفتح الياء وتشديد الدال، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم؛ لأن أصله «يهتدي»، أدغمت التاء في الدال، وتقلب فتحة التاء المدغمة إلى الهاء.

  الثانية: قرأ أبو جعفر ونافع ساكنة الهاء مشددة، أدغمت التاء في الدال، وتركت الهاء على حالها، فجمع في قراءته بين ساكنين، كما جعلوا في {يَخِصِّمُونَ}.

  قال علي بن عيسى: وهو غلط عن نافع.

  الثالثة: قرأ أبو عمرو بإشارة إلى فتحة الهاء من غير إشباع، فهو بين الفتح والجزم مختلسة على أصل مذهبه اختيارًا للتخفيف، وذكر علي بن عيسى أنه الصحيح من قراءة نافع.

  الرابعة: قرأ عاصم وورش عن يعقوب بفتح الياء وكسر الهاء، وتشديد الدال فرارًا من التقاء الساكنين، والجزم يحرك إلى الكسر.

  الخامسة: قرأ حماد ويحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم بكسر الياء والهاء، أتبع الكسرة الكسرة، وقيل: هي لغة من يقرأ «نِسْتَعِين ونِعْبُد».

  السادسة: قرأ حمزة والكسائي وخلف بن هشام: «نَهْدِي» ساكنة الهاء وتخفيف الدال، على معنى نَهْتَدِي، والعرب [تستعمل] تهدي بمعنى تهتدي، يقال: هديته فَهَدَى، أي: اهتدى.

  · المعنى: احتج تعالى عليهم في إثبات التوحيد باحتجاج آخر، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد لهَؤُلَاءِ المشركين «هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ» قيل: التي جعلتموها شركاء في العبادة، وقيل: جعلتموهم شركاء في أموالكم من أوثانكم، كما قالو: {هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا} «مَنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ» أي: يخلقهم ابتداء على غير مثال، وهي النشأة الأولى «ثُمَّ يُعِيدُهُ» هو إيجادهم ثانية في النشأة الثانية، وهو ما يختص بالقدرة عليها، وإذا ثبت بالدليل أن الشركاء لا يقدرون عليها، وأنه تعالى هو القادر عليها، فـ «قُلِ» يا محمد «اللَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ» يوم القيامة «فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» أي: تصرفون،