التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين 48 قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون 49 قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون 50 أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون 51 ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون 52}

صفحة 3378 - الجزء 5

  · النظم: يقال: بماذا يتصل قوله: «ويقولون»؟

  قلنا: فيه وجهان:

  الأول: قيل: يتصل بما قبله من وعيد المكذبين، فبين أنهم استعجلوا ذلك تكذيبًا لهم وردًّا، عن أبي علي.

  الثاني: أنه يتصل بقوله: «وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ [بَعْضَ] الَّذِي نَعِدُهُمْ» فقالو: متى يكون ذلك؟

  · المعنى: «وَيَقُولُونَ» هَؤُلَاءِ المشركون «مَتَى هَذَا الْوَعْدُ» الذي تعدنا به من البعث وقيام الساعة، وقيل: من العذاب «إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ» في ذلك «قُلْ» يا محمد جوابًا لهم «لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعًا» أي: لا أقدر لنفسي على نفع ولا ضر «إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ» أن يُمَلِّكَنِي من نفع وضر، وقيل: إلا ما شاء أن يوصل إلي من ذلك، وقيل: لا أملك لنفسي تقديم موت أو حياة، فكيف أملك لكم، وكيف أملك القيامة وأعرف وقتها؟ «لِكُلِّ أُمَّةٍ» قوم «أَجَلٌ» مدة وقت حياة يبقيهم إليها «إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ» قيل: انقضى أجلهم المضروب لهم بفناء أعمارهم «فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ» يهلكهم اللَّه في ذلك الوقت من غير تقديم ولا تأخير «قُلْ» يا محمد لهَؤُلَاءِ المكذبين «أَرَأَيْتُمْ» أعلمتم، استفهام، والمراد به التقرير، أي: اعلموا «إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا» ليلاً «أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ» يعني أي شيء يستعجل منه المجرم، وما الذي يحصل له فيه، وقيل: ما الذي ينفعكم استعجالكم إذا وقع أن ينزل بهم ما استعجلوه، وليس لهم منعة ولا ملجأ، وقيل: لو وقع شيء من ذلك ما استعجلوه، وإنما فعلوا هذا لجهلهم، عن أبي مسلم. «أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ» يعني. إذا وقع العذاب ونزل آمنتم، ولا ينفعكم «بِهِ» قيل: بِاللَّهِ في وقت اليأس، وقيل: بالقرآن وصِدْقِ وعده، وقيل: بالعذاب الذي كانوا ينكرونه «آلآنَ» فيه إضمار، تقديره: وقيل لكم: آلآن تُصَدِّقُون، «وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ» به مكذبين «ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا» قيل: أشركوا، وقيل: ظلموا أنفسهم حيث عصوا اللَّه واستحقوا العذاب «ذُوقُوا» بدخول العذاب أجوافكم،