قوله تعالى: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين 48 قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون 49 قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون 50 أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون 51 ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون 52}
  و «عَذَابَ الْخُلْدِ» هو عذاب النار؛ لأنه دائم «هَلْ تُجْزَوْنَ» يعني ما تجزون إلا بعملكم في الدنيا، وكسبكم المعاصي، وقيل: هل فعلت بك إلا ما استوجبت.
  · الأحكام: تدل الآية على أن الأجل إذا انقضى لا يتقدم ولا يتأخر الموت، فيدل على أن المقتول مات بأجله.
  وجملة ذلك: أنه إذا علم اللَّه تعالى أنه يبقى حَيًّا إلى وقت، ثم يموت أو يقتل، فإن معلومه يكون كما علم، وإن كان هو قادرا على التقديم والتأخير، لكن لا يفعل، فجعل ذلك أجلاً له.
  ومتى قيل: أكان يعيش لو لم يقتل؟
  قلنا: فيه ثلاثة أقوال:
  قيل: كان يموت لا محالة، عن أبي الهذيل.
  وقيل: كان يعيش لا محالة، عن البغداديين.
  فأما مشايخنا فقالوا: كان يجوز كلا الأمرين، من حيث إنه تعالى قادر على ذلك؟
  فأما إذا قتل علمنا أن ذلك كان مَعْلُومَهُ، فلا يكون خلاف ذلك.
  ومتى قيل: أيجوز أن يكون له أجلان؟
  قلنا: لا؛ لأنه لا يموت ولا يقتل إلا في وقت واحد، وذلك أجله.
  وتدل على أن الإيمان في وقت اليأس لا ينفع؛ لأنه ملجأ إليه، فإذا كان مخلوقًا فيه، فأولى ألَّا ينتفع، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ.
  وتدل على أنهم يعرفون أن عذابهم دائم لقوله: «عَذَابَ الْخُلْدِ» فيبطل قول الجهمية في فناء النار.
  وتدل على أن ذلك العمل حادث من جهتهم.
  وتدل على أن العذاب يستحق على أعمالهم، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ، ولذلك قال: «هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ».