التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين 53 ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون 54 ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون 55 هو يحيي ويميت وإليه ترجعون 56}

صفحة 3381 - الجزء 5

  قلنا: لأن (ألا) يستأنف ما بعدها؛ لينبه بها على معنى يبتدئه؛ ولذلك يقع بعده الأمر والدعاء، كقول امرئ القيس:

  ألاَ عِمْ صَبَاحًا أَيُّها الطَّلَلُ الْبَالِي

  · النظم: «يستنبئونك» عطف على «ويستعجلونك» متى تكون القيامة، ويستخبرونك أحق ما تقول من كونه.

  ويُقال: كيف يتصل قوله: «إِنَّ لِلَّهِ» بما قبله؟

  قلنا: اتصال الإثبات بالنفي؛ لأن الذي قبله بمنزلة ليس للظالم ما يفتدي به، بل جميع الملك له.

  وقيل: هو على تقدير إيقاع الموعود به؛ لأن له ما في السماوات والأرض، ومن كان بهذه الصفة فهو قادر على ما يشاء.

  · المعنى: «وَيَسْتَنْبِئُونَكَ» أي: يستخبرونك يطلبون منك الخبر يا محمد «أَحَقٌّ هُوَ» قيل: ما جئت به من القرآن، والنبوة والشرائع، وقيل: ما تعدنا من البعث والقيامة والعذاب، عن أبي علي. ويحتمل أن يكون هذا سؤالاً منهم واستخبارًا على الحقيقة لوقوع شبهة لهم، ويحتمل أنهم قالوا ذلك استهزاء. وتكذيبًا «قُلْ» يا محمد «إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ» أي: كائن لا شك فيه «وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ» يعني إذا أراد اللَّه إنزاله بهم لم يعجزه شيء، لا هُمْ بالهرب، ولا غيرهم بالنصرة، وقيل: ما أنتم بفائتين، وقيل: بغالبين، حكاه الأصم. «وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ» يعني لكل نفس ممن استعجل العذاب إنكارا وتكذيبًا «ظَلَمَتْ» قيل: كفرت وأشركت، وقيل: ظلمت نفسًا بالعصيان