قوله تعالى: {ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين 53 ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون 54 ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون 55 هو يحيي ويميت وإليه ترجعون 56}
  «مَا فِي الأَرْضِ» ملكًا ومكنوا منها «لافْتَدَتْ بِهِ» أي: لأعطى جميع ذلك بدلاً من نفسه ليدفع العذاب عنه يوم القيامة، ولكن لا يقبل الفداء وإن كثر، وقيل: طلبوا الحيلة في دار لا حيلة فيها بعدما تركوها في دار الحيلة «وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ» قيل: أخفوا الندامة على ما سلف منهم من الكفر، وقيل: رؤساء الضلالة أخفوها من الأتباع، وقيل: أسروا الندامة: أخلصوا فيها، وقيل: أسروا: أظهروا الندامة، عن أبي علي؛ لأنهم أسروا في الدنيا حفظًا لرياستهم، وقد بطل ذلك في الآخرة، ولأن ما ظهر عليهم من الخزي فوق ما يسرون، فلا فائدة في إسرارهم «لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ» أي: عاينوا ذلك «وَقُضِيَ» حكم وفصل الأمر «بَينَهُمْ» قيل: بين المؤمنين والكافرين، وقيل: بين الرؤساء والأتباع، وقيل: بين الكفار بإنزال العقوبة بهم، وقيل: قضي بين المؤمن بأن ينتقم له من الكافر، عن الأصم، وأبي علي. «أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ» خلقًا وملكا «أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ».
  ومتى قيل: كيف يدل خلق السماوات والأرض على صدق الوعد والوعيد؟
  قلنا: إذا كان خلق السماوات والأرض لا للعب لكن لمنافع الخلق، ووعد وأوعد لا يجوز عليه الخلف.
  وقيل: من صفة الخالق أنه عالم لذاته غني لا تجوز عليه الحاجة، والخلف كذب، وهو قبيح، ولا بد في الفعل من داعٍ، وداعي القبيح إما الجهل بقبحه وإما الحاجة إليه، وهو تعالى عالم بقبح القبيح، وبأنه غني عنه أبدًا فلا يجوز عليه الخلف.
  «وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» أي: لو تفكروا لعلموا، ولكن عدل أكثرهم عن طريق العلم، فلم يعلموا «هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» تصيرون إلى حكمه يوم القيامة.
  · الأحكام: تدل الآية على عظم أحوال القيامة، وأنه لا يقبل فيه الفداء.
  وتدل على عظيم ما نزل بهم من العذاب الذي لا منجى منه، ولا مهرب.
  وتدل على أنه لا يقدر على الحياة والموت غير اللَّه تعالى، والحياة عرض يحيا