التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون 59 وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون 60 وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين 61}

صفحة 3387 - الجزء 5

  والعزوب: الغيبة، والعازب الغائب، وإذا تباعدت الأنعام في مراعيها عن البيوت، قيل: عزبت، قال الشاعر:

  وَصَدْرٍ أَزَاحَ اللَّيْلُ عَازِبَ هَمِّهِ ... تَضَاعَفَ فِيه الهَمُّ مِنْ كُلِّ جَانِبِ

  وفلان يعزب: انفرد عن أهله، والعازب: الكلأ البعيد، وقوم معزوبون: عزبت إبلهم، وعزب عن فلان حلمه: ذهب.

  · الإعراب: «مِنْ رِزْقٍ» محله نصب، وتقديره: إنزال الرزق. و «شهودًا» نصب لأنه خبر (كان)، واسمه في «كنا». و (ذو) رفع لأنه خبر (إن)، واسمه (اللَّه).

  ويقال: ما معنى (ما) في قوله «أَرَأَيْتُمْ مَا»؟

  قلنا: فيه وجهان:

  أحدهما: بمعنى الذي، فينصب بـ (أرأيتم).

  والثاني: أن يكون بمعنى (أي) في الاستفهام، فينتصب بـ (أنزل).

  · النزول: قيل: نزلت في مشركي العرب، وما كانوا يدينون به من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام والحرث، عن الأصم، وأبي علي.

  قال الضحاك: هو قوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا}.

  · النظم: قيل: هذه الآية تتصل بقوله: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} فإذا أقروا أنه الرازق، فكيف جعل بعضه حلالاً، وبعضه حرامًا، عن أبي مسلم.