قوله تعالى: {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون 59 وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون 60 وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين 61}
  وقيل: لما وصف القرآن بأنه هدى ورحمة، وأمرهم بالتمسك بما فيه عقبه بذكر ما حرموه وحللوه بخلاف ما جاء في القرآن.
  · المعنى: «قُلْ» يا أيها الرسول لهَؤُلَاءِ الكفار «أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ» قيل: خلق لكم من أنواع الأرزاق، وَمَنَّ بالإنزال على الخلق، وقيل: أنزل من السماء الماء، فأخرج به الأرزاق من زرع وضرع، وقيل: أنزل إباحته في القرآن، فالذبائح لا تحل إلا بالشرع «فَجَعَلْتُمْ» أنتم من ذلك الرزق «مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً» فالحرام هو ما حرموه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وما جعلوه لآلهتهم من الحرث، عن الحسن، ومجاهد، والأصم، وأبي علي. والحلال ما استحلوه، وقيل: حرامًا على النساء حلالاً للرجال كقوله تعالى: {مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} وقيل: هو ما يجعلونه لأصنامهم، ويحرمونه على أنفسهم، عن أبي مسلم. «وحلالاً» قيل: حللتم ما سواها من غير حجة، وقيل: حللتم ما ذبح على النصب «قُلْ» لهم «آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ» أمركم بهذا التحليل والتحريم؟ والألف ألف استفهام، والمراد الإنكار «أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ» تكذبون، وهو قولهم: اللَّه أمرنا بهذا، وقيل: كيف تَدعُونَ أن اللَّه حرم وأحل، وأنتم تجحدون الشريعة والكسب «وَمَا ظَنُّ» أي: ما يحسب «الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ» أي: يختلقون عليه الكذب، وهو إضافة التحريم إليه. يوم القيامة، يعني أي شيء يظنون أن يفعل بهم «يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وقيل: أيحسبون أنه لا يؤاخذهم ولا يعاقبهم عليه «إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ» بما خلق لهم من الرزق، وسوى فيه المؤمن والكافر استدعاء واستصلاحًا «وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ» نعمه، وقيل: لفضله لا يعجلهم بالعقوبة، ولكن يمهلهم لكي يتوبوا استصلاحًا لهم «وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ» قيل: الخطاب للنبي ÷، وقيل: المراد المكلفين، وقيل: تقديره: وما تكون في شأن أيها السامع، أو أيها الإنسان، وقيل: خطاب للنبي ÷ أمره بذلك إجلالاً له وتفخيمًا لشأنه، «في شَأْنٍ» أي: عمل من الأعمال، قيل: في شأن من الدنيا والدين، وقيل: في حوائج الدنيا، وقيل: في [عبادةٍ]، وقيل: في أداء رسالة وتبليغ شريعة مما أمرناك بتبليغها إليهم، ومن