التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين 97}

صفحة 507 - الجزء 1

  · الإعراب: يقال: الهاء في قوله: «فإنه» وفي قوله: «نزله» على أي شيء يعود؟

  قلنا: يحتمل ثلاثة أوجه:

  الأول: الهاء الأولى تعود على جبريل، والثانية على القرآن، وإن لم يَجْرِ له ذكر لأنه كالمعلوم، كقوله تعالى: {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} يعني على الأرض، عن ابن عباس وأكثر أهل العلم.

  الثاني: فإن اللَّه نزل جبريل لا أنه نزل بنفسه.

  الثالث: فإن اللَّه نزل القرآن على يده.

  · النزول: أجمع أهل التفسير أنه جواب لليهود حين زعموا أن جبريل عدو لهم، وميكائيل ولي لهم، وفيهم نزلت الآية، واختلفوا في الحال الذي ظهر منهم ذلك على أربعة أقوال:

  الأول: قال ابن عباس كان ذلك في الحجاج بين ابن صوريا اليهودي وبين النبي ÷ فلما لزمته الحجة قال: من يأتيك؟ قال: جبريل. قال: إنه ينزل بالعذاب والشدة، وهو عدونا، وميكائيل ينزل بالرحمة، وهو صديقنا.

  الثاني: قال الشعبي وقتادة وعكرمة والسدي والأصم: كان ذلك في كلام جرى بينهم وبين عمر بن الخطاب، قالوا: من يأتي صاحبكم؟ فقال: جبريل. فقالوا: هو عدونا، وميكائيل ولينا، فقال: من كان عدوا لجبريل فهو عدو لميكائيل، فرجع عمر إلى النبي ÷ وقد نزلت الآية فقال النبي ÷: «لقد وافقك ربك يا عمر».

  الثالث: قال مقاتل: زعمت اليهود أن جبريل عدونا أُمِرَ أن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.