قوله تعالى: {قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون 68 قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون 69 متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون 70}
  عليه الحاجة، واللَّه يتعالى عن الحاجة؛ لأنه الغني «لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» ملكًا وخلقًا «إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا» أي: حجة على صحة قولهم، وهذا استفهام، والمراد الإنكار أي: لا حجة لكم على ما قلتم، وقيل: (من) صلة، تقديره: هل عندكم سلطان، وقيل: (مِنْ) للتبعيض أي: هل حجة من بعض الحجج التي تصح بها المسائل «أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ» يعني قالوا ذلك بغير علم.
  ثم بَيَّنَ ما أوعدهم به، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد «إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ» يكذبون «عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ» يعني لا يظفرون ببغية، ولا ينجون من هلكة، وقيل: معناه لا يؤمنون «مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا» يعني إنما دعاهم إلى الافتراء على اللَّه طلب الرئاسة، وتقليد الرؤساء، وطلب الدنيا، وقيل: بقاؤهم في نعم الدنيا متاع قليل، عن أبي علي. يعني أن جميع ما هم فيه من أسباب الدنيا شيء يتمتعون به في الدنيا إلى وقت انقضاء أجلهم «ثُمَّ» بعد ذلك «إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ» أي: مصيرهم إلى حكمنا «ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ» وهو عذاب النار «بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ» في الدنيا.
  ومتى قيل: لِمَ جاز أن يمتعوا في الدنيا دون الآخرة؟
  قلنا: لأن الدنيا دار تكليف وعمل، وإمتاعهم استصلاح وتمكين، والآخرة دار جزاء ولا يعطى إلا المستحق.
  · الأحكام: تدل الآية أن قومًا قالوا هذه المقالة، وأنها باطلة.
  وتدل على صحة الحجاج في الدين وطلب المُبْطِلِ تنزهًا وتنبيهًا له على بطلان ما هو عليه.
  وتدل على أن القوم جهلوا الحق، فيبطل قول أصحاب المعارف.