قوله تعالى: {وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم 79 فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون 80 فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين 81 ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون 82}
  · الإعراب: «فرعون» لا ينصرف؛ لأنه أعجمي معرفة، وهو منقول من حال تعريفه، ولو نقل في حالة تنكيره انصرف كـ «ياقوت»، ووزنه «فِعْلَوْل»، الواو زائدة؛ لأنها لحقت بعد سلامة الثلاثة، ومثله: قَرْقُوس.
  و (ما) في قوله: «مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ» على مذهب من قرأ «آلسِّحْرُ» بالمد على الاستفهام، فهو (ما) للاستفهام، كأنه قيل: أي شيء جئتم به؟ أسحرا جئتم، وعلى قراءة من قرأ على الخبر هو بمعنى (الذي)، كأنه قيل: الذي جئتم به السحر، وأدخل الألف واللام في السحر؛ لأن الكلام خرج على معهود، وقد عرفة المخاطب، قيل: ولا يجوز حذفه؛ لأنه يكون خبرًا عن شيء غير معروف، وتقديره: السحر الذي كنتم تقولون ما جئتم به لا ما جئت به، فعرف بالألف واللام، وكل حرف نكرة ذكره متكلم، فردت على النكرة لفظها في جواب المتكلم ردت به الألف واللام كقولك لرجل: وجدت درهمًا، فيقول: أرني الدرهم، وأي الدرهم، وقيل: يجوز حذف الألف واللام، وهو قراءة ابن مسعود، كأنه قيل: ما جئتم به سحر من الأسحار.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ ما جرى بين موسى #، وبين فرعون من الجدال، فقال سبحانه: «وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ» في سحره، وإنما طلبهم للتعاون على دفع ما أتى به موسى، وطلب كلهم كي لا يفوته سحر ما، وإنما فعل ذلك للجهل؛ لأن ما أتى به موسى من عند اللَّه فليس بسحر، وبعد ذلك علم أنه ليس بسحر فعاند، كما قال تعالى: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} وقيل: علم أنه ليس بسحر، ولكن ظن أن السحر يقارنه مقارنة بسببه، وقيل: بل لبَّس على قومه، «فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ» في الكلام حذف يدل عليه الظاهر، تقديره: فلما أتوه بالسحرة وبالحبال والعصي «قَال لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُمْ مُلْقُونَ» قيل: اطرحوا ما جئتم