التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين 90 آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين 91 فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون 92}

صفحة 3423 - الجزء 5

  وقيل: نلقيك وحدك من بين قومك لظلمك في ادعاء الربوبية، وروي أن البحر لفظه بعد ثلاثة أيام، وقيل: ننجيك وحدك دون قومك؛ لأنه تعالى خسف بهم الأرض، ورماهم بالحجارة، فكانوا يهوون في الأرض في عذاب بعد الغرق، فقال: ننجيك من عذاب قومك، ونخرجك إلى الخلق عاريًا مسلوبًا رياشك لتكون آية، عن الأصم، وقيل: من ذلك الوقت لا يقبل الماء ميتًا أبدًا «لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً» أي: لمن بعدك حجة وعبرة، وقيل: لمن يأتي بعدك ممن يراك على تلك الصفة، وقد كنت تدعي الربوبية، وقيل: ليراه بنو إسرائيل لما شَكُّوا في موته، عن ابن عباس، وقتادة، وقيل: لمن كان بعده ممن كذب بغرقه، فلفظه البحر لتزول الشبهة، عن الأصم. «وَإِنَّ كثِيرًا مِنَ النَّاسِ» قيل: أهل مكة، عن مقاتل، والأصم، وقيل: سائر الخلق، عن الحسن «عَنْ آيَاتِنَا» حُجَجِنَا «لَغَافِلُونَ» لا يتدبرون فيه.

  · الأحكام: تدل الآيات على معجزات لموسى # منها: انفلاق البحر بضربة، ومنها: منع الماء من الاتصال حتى ظهر طريقًا يابسًا، وفيه مع كونه معجزة نعمة عظيمة على بني إسرائيل حيث عبروها، ورأى بعضهم بعضًا، ومنها: ركوب الماء بعضه بعضًا حتى صار كالطود العظيم.

  وتدل على أن إيمان الملجأ لا يصح؛ لأن التكليف زائل، وما روته الحشوية أن جبريل قال: كنت أدس الطين في فيه لئلا تدركه الرحمة لا يصح؛ لأنه إن كان في حال بقاء التكليف فالمنع من الإيمان لا يجوز، ويعظم ذلك من جبريل، وإن كان مع زوال التكليف فهو غير مقبول.

  وتدل على أن خروج موسى وقومه من مصر كان بأمر اللَّه تعالى، وما روي من كثرتهم يبعد؛ لأنه تعالى حكى عن فرعون {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} ولم ينكر عليه، وقيل: هي بالإضافة إلى قوم فرعون قليلة، وكل ذلك مما حكاه اليهود فلا يصح.