التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين 99 وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون 100}

صفحة 3436 - الجزء 5

  وتدل على [أن] الإيمان وإن كان منهم فبأسباب من جهته تعالى، وتسهيله ولطفه، ليكون العبد متكلاً على ربه في جميع أحواله.

  وتدل على أنه ليس إليه صلى اللَّه عليه الإكراه على الإيمان.

  وتدل على أنهم لو أكرهوا لم يستحقوا عليه ثواب الإيمان.

  ويقال: كيف الخلاف في الإرادة؟

  قلنا: الخلاف فيها وجوه نشير إليها:

  أولها: أنه تعالى مريد على الحقيقة عندنا. وقالت البغدادية: إرادته فِعْلُهُ أو أمره أو حكمه.

  وثانيها: أنه ليس بمريد لذاته خلافًا للنجارية.

  وثالثها: أنه ليس بمريد بإرادة قديمة خلافًا للكلابية.

  ورابعها: أنه مريد بإرادة يفعلها لا في محل يوجب حاله كونة مريدًا، وليس لكونه فاعلاً، وقال أبو الهذيل: معنى قولنا: مريد أنه فعل الإرادة كقولنا: خالق ورازق وفاعل.

  وخامسها: أنه إذا وجد لا في محل توجب الحكم للقديم؛ لأنه اختص به.

  وسادسها: أنه يريد جميع أفعاله غير الإرادة والكراهة.

  وسابعها: أنه يريد من غيره الطاعة التي أمر بها، ولا يريد المباح ولا يَكْرَهُهُ، ولا يريد المعاصي ويكرهها، واختلفوا فقال القاضي: يريد الأكل من أهل الجنة، وقال أبو علي: لا يريده.