قوله تعالى: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين 99 وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون 100}
  لأَكْرَهَ أهل الأرض عليه؛ لأنه قادر عليه لكن لما لم يكن ينفع لم يكره، فقال سبحانه: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ» يا محمد «لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلّهُمْ جَمِيعًا» يعني لأكرههم على الإيمان، ولآمنوا اضطرارًا «أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ» استفهام، والمراد الإنكار، أي: لا يكرههم ولا [يريد] إكراههم، فإنه تعالى قادر على إكراههم، ولا يفعله «حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» أي: حتى يؤمنوا «وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ» أي: ما كانت لتؤمن «إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ» قيل: بأمر اللَّه، عن ابن عباس، والحسن، وأبي علي. وقيل: بعلمه؛ يعني علم منه ذلك قبل أن يؤمن وكلفه ليكون الجزاء على فعله، وقيل: بإطلاقه وتمكين من جهته، وقيل: معناه ما كانت نفس مؤمنة إلا بإذن اللَّه تأتي بما أمرت طائعة غير مكرهة، عن الأصم. وقيل: لا تكون مؤمنة حتى يعلم ظاهره وباطنه، عن أبي مسلم. وقيل: لما بقي الإكراه جاز أن يُتَوَهَّم أن الإنسان يؤمن بحوله وقوته، فَنَفَى ذلك، وبين أنه مؤمن، ولكن أسباب الإيمان كلها من جهته تعالى «وَيَجْعَلُ الرّجْسَ» قيل: العذاب، عن أبي علي، وأبي مسلم، والفراء، وقيل: الرجس الغضب، عن ابن عباس. أي: كما يثيب من آمن يعذب من كفر، وقيل: الرجس الكفر، عن الحسن. أي: يحكم بالكفر على من خالف أمره ذمًا لهم، وقيل: يجعل عذاب الرجس وهو الشرك يوم القيامة على الكافرين، عن الأصم. «عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ» أي: لا يعلمون دين اللَّه، وما لزمهم من ذلك، عن أبي علي. وقيل: لا يعقلون شيئًا ذمًّا لهم، وقيل: لا يستعملون عقولهم بالتدبر في آيات اللَّه، وحججه ليعلموا الحق من الباطل.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى يشاء خلاف قول البغدادية.
  وتدل على أن مشيئته ليست بصفة ذاتية ليصح تعلقها بالشرط، فيصح أن مشيئته فعله، ولا يُقال: لو علم ولو قدر كما يقال: لو شاء ولو أراد.
  وتدل على أنه تعالى لم يرد الإكراه على الإيمان لذلك قال: «أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ».