قوله تعالى: {وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين 7 ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون 8}
  «وَحَاقَ بِهِمْ»، قيل: نزل بهم ما استحقوه من العذاب، عن أبي علي، وأبي مسلم، والأصم. «مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ» أي: وبال استهزائهم وجزاؤه.
  · الأحكام: تدل الآية على عظيم قدرته وحكمته في خلق السماوات والْأَرْض، وقد بينا كيفية دلالتها على إثبات الصانع وصفاته.
  ويدل وقوف العرش على الماء على عظم قدرته سبحانه.
  ومتى قيل: فأين قرار الماء؟
  قلنا: لا يحتاج إلى قرار بل يمسكه اللَّه تعالى بأن يخلق فيه السكون حالاً بعد حال، ولو احتاج كل جسم إلى قرار لتسلسل، وقال الأصم: ولم يكن ملتزقًا بالماء، وهو الظاهر.
  وتدل على أنه تعالى خلق العرش قبل خلق السماوات والأرض.
  قال أبو علي: وتدل على أنه كان قبل خلق السماوات والأرض خلق ملائكة ليعتبروا بالعرش وبخلق السماوات والأرض؛ لأنه لا يجوز خلق جماد إلا ومعه حي ينتفع به، وهذا مذهب شيخينا ومن تبعهما، فأما الإخشيدية فيجوزون ذلك، ويجعلون الفائدة الخبر عنه.
  ويدل قوله: «ليبلوكم» على أنه خلق الخلق للتكليف، وهو مذهب العدلية؛ لأنه لولا التكليف لما حسن خلقه على هذا الوجه بما فيه من الآلام والتظالم.
  قال علي بن عيسى: وتدل على أن الحسن قد يكون أحسن من حسن. قال القاضي: والحسن لا يدخل فيه التزايد، فالمراد أيكم أشد تمسكًا بطريقة الطاعات، واجتناب المعاصي، فالمراد جملة الطريقة، لا عمل واحد.
  وتدل على أنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث؛ لذلك نسبوا قوله إلى السحر.