قوله تعالى: {وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين 7 ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون 8}
  «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» قيل: هو العرش المعروف كان على الماء قبل خلق السماوات والأرض، ثم رفع، ووقوفه على الماء أبلغ في الاعتبار، وقيل: عرشه أي: بناؤه بخلق السماوات والأرض على الماء، تقول: عرشت أعرش عرشًا إذا بنيت، ومنه: {وَمِمَّا يَعْرِشُونَ} ومنه: {خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} بنائها، وإنما قال ذلك؛ لأن بناءها على الماء أعجب وأبدع، عن أبي مسلم. «لِيَبْلُوَكُمْ» ليعاملكم معاملة المختبر، ليظهر إحسان المحسن وإساءة المسيء على ما عمله، يعني ليكون الجزاء على الأعمال؛ لأن حقيقة الاختبار لا تجوز عليه مع كونه عالمًا لم يزل بجميع الأشياء «أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» قيل: أيكم عمل بطاعة اللَّه، عن ابن عباس؛ لأن أحسن الأعمال ما فيه طاعة اللَّه، وقيل: أيكم أتقى، عن مقاتل، وقيل: أيكم أزهد، عن الحسن، وقيل: خلق جميع ذلك لأن تحسنوا العمل «وَلَئِنْ قُلْتَ» لهم يا محمد «إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ» للحساب والجزاء «لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كفَرُوا» ردًّا تكذيبًا «إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ» أي: ليس هذا إلا سحر تمويه لا حقيقة له، وهو قوله: {إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ}، وقيل: هذا القرآن سحر، وقيل: ما يقول محمد سحر، فالأول عن أبي مسلم، والثاني عن جماعة، والثالث عن أبي علي. وإذا قرئ (ساحر) فهم يعنون محمدًا ÷، «وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ» قيل: عذاب الاستئصال، وقيل: عذاب الآخرة، وقيل: ما نزل بهم يوم بدر «إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ» قيل: إلى جماعة معدودة علم أنه ليس فيهم من يؤمن، وقيل: إلى أجل معدود أي: محدود، «لَيَقُولُنَّ» يعني هَؤُلَاءِ الكفار «مَا يَحْبِسُهُ» أي: يقولون على وجه التكذيب والاستهزاء: أين ذلك العذاب وما يحبسه حتى ليس ينزل؟! وقيل: قالوه استعجالاً جهلاً «أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ» العذاب «لَيسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ» أي: لا يصرف عنهم ذلك إذا نزل