التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور 9 ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور 10 إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير 11}

صفحة 3462 - الجزء 5

  والفرح والسرور من النظائر، وهو انفتاح في القلب، ونقيضه: الغم، والسرور والغم من جنس الاعتقادات، وليسا بجنسين من الأعراض عند مشايخنا، ومنهم من قال: هما جنسان.

  والفخور «فَعُول» من الفخر، وهو الذي يكثر فخره، والفخر: عز القديم، وهو الفخر [أيضًا بفتح الخاء، قال أبو زيد]: فخرت الرجل على صاحبه أَفْخَرُه فخرًا أي فضلته عليه، والفخير الذي يفاخرك على وزن الخَصِيم، والفِخِّير بالتشديد: كثير الفخر.

  · الإعراب: «إلا الَّذِينَ» استثناء من الإنسان؛ لأنه اسم للجنس كقوله: {وَالْعَصْرِ ١ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ٣}.

  فهو على تأويل جمع.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما قابل به الإنسان نعمه من الكفران، فقال سبحانه: «وَلَئِنْ أَذَقْنَا» أعطينا «الِإنْسَانَ» قيل: أراد به الكفار، عن الأصم. «مِنَّا رَحْمَةً» أي: نعمة قيل: هو كل خير في نفسه وماله وولده وجميع أرزاقه، عن أبي مسلم. «ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ» أي: سلبناها إذا رأينا المصلحة فيه «إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ» أي: قنوط في الشدة، كفور في النعمة، جهلاً منه بالصانع الحكيم، وأنه لا يعطي ولا يمنع إلا لمصلحة، وجهلاً منه بوجوه المصالح، ومعنى «كَفُورٌ» لمن أنعم عليه لا يشكره «وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ» أعطيناه «نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ» أي: بعد بلاء أصابه «لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي» أي: زالت الشدائد عني نحو المرض والفقر وغيره «إِنَّهُ لَفَرِحٌ» قيل: ليفرح بنعمة الدنيا ويظنها لمنزلة له،