التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل 12 أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين 13 فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون 14}

صفحة 3467 - الجزء 5

  «فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا» أي: يجيبوا «لَكُمْ» قيل: الخطاب للمؤمنين تقديره: فإن لم يجيبوكم أيها المؤمنون فاعلموا، عن مجاهد، وأبي علي. وقيل: الخطاب للمشركين يعني فإن لم يستجيب لكم المؤمنون إذا دعوتموهم إلى المعاونة، ولا تتهيأ لكم المعارضة فقد قامت عليكم الحجة فاعلموا، وقيل: الخطاب للرسول، يعني: فإن لم يجيبوك أيها الرسول، وذكره بلفظ الجمع تفخيمًا كقوله: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا} «فَاعْلمُوا» خطاب للمؤمنين، وقيل: للمشركين، وقيل: للجميع، والغرض التنبيه على إعجاز القرآن، وأنه كلام اللَّه تعالى أنزله على نبيه «أَنَّمَا أُنْزِلَ» يعني القرآن «بِعِلْمِ اللَّهِ» قيل: أنزله واللَّه يعلم أنه حق منزل من عنده، وقيل: يعلم اللَّه مواقع تأليفه في علو طبقته، وأنه لا أحد على معارضته، وقيل: معناه أحكمه، كما يقال: فعل هذا، عن أبي علي. وقيل: أنزله على علم من ترتيبه ونظمه، ولا يعلم غيره ذلك «وَأَنْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ» يعني فاعلموا أن مثل هذه المعجزات والآيات لا يقدر عليها إلا اللَّه الواحد الذي لا إله إلا هو، «فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» قيل: هو استفهام والمراد التقرير أي: أسلموا، وانقادوا، واعتقدوا توحيده.

  · الأحكام: تدل الآية على حثه ÷ على اتباع الوحي والإبلاغ، وتسلية له عما يقول الكفار.

  وتدل على أن اقتراحاتهم لا تقدح في حاله، وأنه نذير ليس عليه إلا البلاغ، ولا يقدر على المعجزات.

  وتدل على أنه تحدى بالقرآن، وأكد بقوله: «وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ» وذلك يدل على نبوته.

  ومتى قيل: كيف يدل؟

  قلنا: قد ثبت أنه تحداهم به، وجعل ذلك دلالة صدقه، وأوعد مَنْ خالفه