قوله تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون 15 أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون 16}
  أعمال البر، فيجعل اللَّه له جزاء على عمله في الدنيا بتوسعة رزق، أو دفع مكروه، عن مجاهد، والضحاك.
  وقيل: يريد بعملهم الغزو مع رسول اللَّه ÷، وقسطهم من الغنيمة دون ثواب الآخرة، فأمر النبي ÷ أن يوفيهم قسمتهم من الغنيمة، وهو صفة المنافق، ثم لا يكون لهم في الآخرة ثواب، عن أبي علي.
  وقيل: من أراد الحياة الدنيا واختارها على الآخرة أعطيناه ما يعمل له فيها وافيًا غير مبخوس، ولم ينفعه ذلك مصيره إلى النار؛ لأن أمر الدنيا ينحبط، وما حصل له فيها يبطل، عن أبي مسلم.
  وتلخيصه: مَنْ عمل للدنيا نعطه ذلك، ولا نصيب له في الآخرة.
  ووجه الإشكال في الآية من ثلاثة أوجه:
  أحدها: ما أعمالهم التي عملوها؟
  والثاني: ما جزاؤه فيها؟
  والثالث: كيف حبطت، وقد وفى أجرها؟
  أما الأول فاختلفوا فيه، فقيل: هو أعمال البر من العقليات دون الشرعيات، وقيل: أعمالهم لجمع الدنيا وزينتها كالأبنية والنقوش، وجمع أسبابها، عن أبي مسلم.
  وقيل: هو الغزو، عن أبي علي، على ما تقدم.
  فأما الجزاء فلا إشكال أن التوفية تكون في الدنيا، وإنما الخلاف في كيفية ذلك، فقيل: يثيبه وليس بصحيح؛ لأن الكافر ليس من أهل الثواب، وقيل: هو سعة الرزق، وقيل: ليس ذلك بجزاء، ولكن لديهم بتلك الأعمال حظهم، فكأنه جزاؤهم، ثم بطلان ذلك؛ لأن أفعالهم تهلك، ودورهم تخرب.
  فأما الإحباط فقيل: يبطل ما جمعوا، وقيل: يبطل أعمال البر؛ لأنه لا ثواب