قوله تعالى: {أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون 17 ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين 18 الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون 19 أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون 20 أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون 21 لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون 22}
  مضى ضعف جاء ضعف أبدًا مؤبدًا، عن أبي مسلم. وكل ذلك على مقدار الاستحقاق، و «مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ» قيل: يثقل عليهم سماع الأدلة والقرآن بغضًا وعنادًا فلا يسمعون، ولا لَهُمْ به عِلم وبصيرة، عن أبي علي، وأبي مسلم. وقيل: صم عن سماع الحق، عمي عن رؤيته، عن قتادة. وقيل: لا يستطيعون فهم ما يقال لبعدهم عن التفكر فيه، قيل: هم الأوثان لا يسمعون، ولا يبصرون، وتقديره: أولئك الكفار وآلهتهم لم يكونوا معجزين في الأرض، ويضاعف لهم العذاب، وما كانوا يستطيعون [أي]، الآلهة، و (ما) بمعنى (الذي)، روي نحوه عن ابن عباس، وفيه بُعْدٌ «أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ» بأن فوتوها الثواب، وأوثقوها بالعقاب «وَضَلَّ عَنْهُمْ» أي: هلك عنهم «مَا كَانوا يَفْتَرُونَ» أي: يكذبون فلا ينتفعون بها، قيل: لا ينتفعون بالافتراء في الآخرة كما ينتفعون في الدنيا، وقيل: ضل عنهم الأوثان الَّذِينَ كانوا يؤمنون بها، ولا ينتفعون بها، عن الحسن. «لا جَرَمَ» قيل: حقًا، عن الأصم. وقيل: حَقًّا وجب، وقيل: لا بد ولا محالة، عن الفراء، وقيل: كسب، وقيل: لا قطع بهم عن ذلك، فإنهم أهل النار «أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخسَرُونَ» قيل: لأنهم كانوا أكثر نصيبًا في الدنيا فكان عذابهم أكبر، عن الأصم. وقيل: هم الأخسرون من غيرهم، وإن كان الكل في خسار.
  · الأحكام: قوله: «على بينة» أكثر المفسرين على أنه القرآن، يدل على أنه مستقل في باب البيان.
  وتدل على موافقة السنة للكتاب، لولا ذلك لما قال: «ويتلوه شاهد منه» يعني: محمدًا ÷، وإن كان الشاهد القرآن فالدلالة باقية.
  ويدل قوله: «ومن قبله» على حدث القرآن؛ لأن ما تقدمه غيره لا يكون قديمًا، وكذلك تدل على حدث التوراة بأن ما تقدم المحدث بمدة يكون محدثًا.
  ويدل قوله: «ومن أظلم ...» الآية. على أن الامتراء فعل العباد، وإلا لم يكن