التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين 25 أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم 26 فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين 27}

صفحة 3481 - الجزء 5

  على معنى: فإني، وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة: «إِنِّي» بكسر الألف على معنى: قال: إني؛ لأن في الإرسال معنى القول.

  وقرأ أبو عمرو ونصير عن الكسائي: «بَادِئَ الرَّأْيِ»، وقرأ الباقون: «بَادِيَ» [بالياء] غير مهموزة، أي: ظاهر الرأي، قال الشاعر:

  وَقَد عَلَتْنِي ذُرْأَة بَادِي بَدِي

  · اللغة: الإبانة: إظهار المعنى للنفس، أبان يبين إبانة فهو مبين، وأصله القطع، فكأنك قطعت المعنى عن غيره ليظهر، ومنه: البيان، إلا أن الإبانة تتضمن جعل جاعل، ونظيره: الظهور، والإظهار والبشر والإبشار من النظائر، إلا أن البشر مأخوذ من ظهور البشرة؛ لأن غالب أحوال الحيوان التستر بالصوف والشعر والوبر والريش، غير الإنسان، فإنه تظهر بشرته، وهو ظاهر الجلد، وقيل: سموا بشرًا لظهورهم.

  والرُّذال: الدون، وكذلك الرَّذْل، وجمعه أرذال، ثم أراذل جمع الجمع، كما يقال: كلب وأكلب وأكالب.

  وبدا يبدو: ظهر، وفلان ذو بدوات: إذا بدا له الرأي بعد الرأي، وبدأت بالأمر: ابتدأت به، ومنه: المبدئ والبادئ اسمان لله تعالى؛ لأنه بدأ الخلق، والرأي الرؤية، ومنه: {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} فالرأي: ما يراه الإنسان في الرأي لأمر، وجمعه: آراء.