قوله تعالى: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين 25 أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم 26 فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين 27}
  · الإعراب: (اللام) في قوله: «لقد» لام القسم؛ لأنها تدخل في الفعل، ولام الابتداء للاسم خاصة.
  ويقال: ما موضع «تعبدوا» من الإعراب؟
  قلنا: يجوز فيه النصب بمعنى مبين، أي: لا تعبدوا، ويجوز فيه الجزم على النهي بتقدير: لا تعبدوا.
  وكسر (أليمٍ)؛ لأنه صفة اليوم، يعني: عذاب يوم مؤلم، ولو نصب جاز صفة للعذاب، ويجوز أن يكون صفة للعذاب، ويكسر للمجاورة، كقول الشاعر:
  وجُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ
  و «بَادِيَ» نصب على المصدر كقولك: ضربت أول الضرب، وقال الزجاج: نصبه بـ (اتبعك) أول الرأي من غير نكر، كأنه قيل: اتبعوا رأيًا غير سديد، أي لرأي غير سديد، وقيل: نصب على التمييز، فأما موضع (الَّذِينَ) من الإعراب في قوله: «إلا الَّذِينَ هم أراذلنا» فإنه الرفع ب (اتبعك).
  · المعنى: لما تقدم ذكر الفريقين المؤمن والكافر، والوعد والوعيد عقبه بأخبار الأنبياء تأكيدًا لذلك وغيره، وتخويفًا لهم، وتسلية للنبي ÷، وبدأ بقصة نوح، فقال سبحانه: «وَلَقَدْ» تأكيد كأنه قال حَقًّا «أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ» أي: قال لهم: إني لكم «نَذِيرٌ» مخوف من العواقب مظهر ذلك لكم، وقيل: «مُبِينٌ» لكم عن اللَّه تعالى، عن الأصم «أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ» يعني اعبدوا اللَّه ولا تعبدوا غيره، فبدأ بالدعاء إلى العبادة بالإخلاص، قيل: لأن أهم الأمور التوحيد فدعا إليه، وقيل: إنه لا يصح شيء من العبادات والأعمال إلا بعد التوحيد فبدأ به، وقيل: يدخل فيه جميع الطاعات «إِنِّي أَخاف عَلَيكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ» يعني يوم القيامة، وإنما قال: أخاف، وإن كان عذاب الكفار مقطوعًا؛ لأنه لم يَدْرِ ما يؤول إليه حالهم، وقيل: لأن فيه استدعاء إلى الإيمان على ألطف الوجوه «أَلِيمٍ» أي: مؤلم، يعني: موجع «فَقَالَ الْمَلأُ» قيل: