قوله تعالى: {قال ياقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون 28 وياقوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون 29 وياقوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون 30 ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين 31}
  فيبطل تكليفكم «وَيَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ» أي: على الرسالة والإبلاغ كناية عن غير مذكور، قيل: على الأداء دون القبول «مَالاً» أجرًا، يعنون: كيف تظنون أني كاذب، وأني جئت لا للنصح، وأنا لا أطالبكم بأجر، ولا أدعوكم لطمع، فلا مطمع لي فيكم، فلذلك استوى عندي الغنى والفقر، وقيل: أراد أنْ [ينبئ أنه] لا يدعوهم ليستأكل أموالهم «إِنْ أَجْرِيَ» ثواب طاعتي وإيذائي «إِلَّا عَلَى اللَّهِ» يعني ليس ذلك إلا عليه «وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا» أي: لا أبعدهم، وإن كانوا من الأراذل عندكم، بل أكرمهم «إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ» قيل: [ملاقو جزاء] ربهم يعاقب من طردهم، عن الزجاج، وقيل: [ملاقو ثواب] ربهم، فكيف يكونون أراذل، وكيف أهينهم ولا يستحقون ذلك، عن أبي علي. وقيل: إنهم معترفون بالقيامة مؤمنون بها فكيف يستحقون الطرد، وإنما يطرد الكفار «وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ» حالهم فتأمرونني بطردهم، وقيل: تجهلون الحق وأهله، فإن الناس [يتفاضلون بالدين] لا بالدنيا، وقيل: تجهلون مقدار أنفسكم فترفعونها وتستخفون بالمؤمنين، عن أبي علي. «وَيَاقَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ» يعني إذا طردتهم وكانوا خصمائي عند اللَّه في الآخرة فمن ينصرني ليدفع عني عذاب اللَّه، وقيل: إذا أرادوا الإيمان وتعلم الدين ثم طردتهم فقد ظلمتهم، فإذا أخذني اللَّه فمن ينصرني «أَفَلَا تَذَكَّرُونَ» أي: تفكرون في ذلك «وَلا أَقُولُ لَكمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ» أي: لست أدعي درجة فوق الرسالة، ولا أدعي أن عندي خزائن اللَّه يعني مقدوراته، فأفعل ما أشاء، وأعطيكم وأنفعكم ما أشاء وأضركم، عن أبي علي، وأبي مسلم. وقيل: لا أقول لكم عندي خزائن اللَّه فأدعوكم على أن أعطيكم منها، عن ابن جريج، والأصم. «وَلا أَعْلَمُ الْغَيبَ» قيل: أَدَّعي عِلْمَ الغيب، حتى أدلكم على منافعكم ومضاركم، فإن هذا درجة الربوبية، عن الأصم، وقيل: لا أعلم الغيب حتى أقضي على هَؤُلَاءِ بأنهم مخلصون أم منافقون، وإنما أحكم على الظاهر، عن أبي مسلم. «وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ» قيل: هذا جواب عن قولهم: «مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا» وكانوا يعظمون