قوله تعالى: {حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل 40}
  ويدل قوله: «ولا تخاطبي» أنه لا تجوز المسألة، بخلاف الموعود، قال أبو علي: وذلك يدل على أنه لا يحسن من العبد أن يسأله ما يعلم أنه تعالى لا يفعله، وأخبر ألا يفعله، قال: وهذا يدل على أنه لا يفعل القبيح؛ إذ لو فعله لكان لنا أن نسأله ألّايفعل، ولا يجب علينا الرضاء بفعله، بل بسخطه وبكرهه.
  وتدل على أن عمل السفينة داخل في التكليف؛ لأنه عمل شاق، مأمور به.
  وتدل على أن السخرية بأهل الدين مما يعظم في الوزر.
  وتدل على أن تلك السخرية فعلهم، ليست بخلق لله تعالى.
قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ٤٠}
  · القراءة: قرأ حفص عن عاصم: «مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ» بتنوين (كُلٍّ)، أي: من كل صنف زوجين، وذكر (اثْنَيْنِ) تأكيدًا، وكذلك في سورة (قد أفلح)، وقرأ الباقون غير منون على الإضافة في السورتين يعني: زوجين: ذكر وأنثى.
  · اللغة: الفَوْرُ: الغليان، وأصله الارتفاع، فارت القدر تفور، وفار غضبه: إذا جاش، ومنه: اشتق قولهم: فَعَلَهُ مِنْ فَوْرِهِ، أي قبل أن يسكن، يقال: فار يفور فورًا وفورانًا.
  والزوج: واحد له شكل، إلا أنه كثر في الرجل الذي له امرأة، قال الحسن في قوله: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} السماء زوج، والأرض زوج، والشتاء زوج، والصيف زوج، والليل زوج، والنهار زوج، حتى إذا صار الأمر إلى اللَّه تعالى