التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون 102}

صفحة 518 - الجزء 1

  · القراءة: قرأ نافع وابن كثير وعاصم وأبو عمرو: «وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ» بتشديد «وَلَكِنَّ» «الشَّيَاطِينَ» بالنصب على اسم لكن. وقرأ الباقون «وَلَكِن» بالتخفيف «الشَّيَاطِينُ» بالرفع، والمعنى واحد، وكذلك في الأنفال: «ولكن اللَّه رمى» «ولكن اللَّه قتلهم» على الخلاف، قال الكسائي: والاختيار إذا كان بالواو كان التشديد أحسن، وإذا كان بغير واو فالتخفيف أحسن، ووجه ذلك أن (لَكِنْ) بالتخفيف تكون عطفًا ولا تحتاج إلى الواو لاتصال الكلام، والمشددة لا تكون عطفًا؛ لأنها تعمل عمل (إِنَّ).

  وقرأ الكسائي على خلاف ما ذكر من الاختيار في العربية اتباعًا للاختيار في القراءة، وروي في الآية قراءات شاذة لا يجوز القراءة بها، فروي عن الحسن «الشياطون» بالواو، وقيل: إنه لحن، ويبعد أن يصح، عن الحسن مع مخالفته لظاهر الرواية.

  وروي «مَلِكَينَ» بكسر اللام، عن ابن عباس والحسن والضحاك.

  وروي رفع التاء من «هاروتُ وماروتُ»، عن الزهري.

  وعن بعضهم «يُعْلِمَانِ» مخففة.

  والقراءة «بين المرء» بفتح الميم، وعن بعضهم بالكسر، وعن بعضهم بالضم، وكلها لغات، ولا يجوز القراءة إلا بما استفاض نقله.

  وروي عن زيد بن علي # «يُضِرْهُمْ» بضم الياء وكسر الضاد، ويحمل على أنه بَيِّنٌ لو قرئ به لكان لغة صحيحة لا أنه قراءة.

  · اللغة: اتبعه: اقتدى به، ومنه قيل: تَبِيعٌ وتَبِيعَة لولد البقرة؛ لأنه يتبع أمه.