التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون 102}

صفحة 519 - الجزء 1

  والتلاوة: القر اءة، تلا يتلو: قرأ، وتلاه: تبعه، وهو الأصل، وسمي التالي؛ لأنه التابع.

  والسحر والحيلة والكهانة نظائر، سَحَرَ يَسْحَرُ سِحْرًا، وأصله من الخفاء، وسمي سحرًا؛ لأنه يوهم - لخفائه - نقل الشيء عن حقيقته، كفعل السحرة زمن موسى، أوهموا بفعلهما نقلا بالعصا حيوانًا، قال اللَّه تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ٦٦} والفتنة: أصلها الامتحان، فَتَنْتُ الذهب بالنار: اختبرته؛ ليعلم أخالص أم مشوب، وفُتِنَ الرجل: اخْتُبِرَ، ويقال: أَفْتَنَهُ، وأنكره الأصمعي، ولغة قريش فتنته، وبه جاء القرآن {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} والمرء: تأنيثه المرأة.

  والضر: نقيض النفع، وفتح الضاد. وضمها لغتان، وأصله من النقصان، فالضر انتقاص الحق.

  والنفع: الانتفاع، ورجل نَفَّاعٌ: ينفع الناس.

  و (بئس) خلاف (نِعْمَ).

  · الإعراب: (ما) في قوله: {وَمَاَ أَنزَلَ اللَّه} قيل: بمعنى (الذي) في معنى قول ابن عباس وقتادة والسدي، وقيل: بمعنى الجحد، عن ابن عباس - بخلاف - والربيع وأبي مسلم، فعلى الأول تقديره: والذي أنزل، وعلى الثاني: ما أنزل.

  ويقال: (ما) عطف على ماذا؟ وما محله من الإعراب؟

  قلنا: موضعه نصب، واختلفوا فيما عطف عليه قيل: على (ما) في قولة «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو» وقيل: عطف على السحر، وقيل: موضعه جر عطفًا على {مُلْكِ سُلَيْمَانَ} وتقديره: ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان، وعلى ما أنزل على الملكين، عن أبي مسلم.