قوله تعالى: {وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون 50 ياقوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون 51 وياقوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين 52}
  · المعنى: ثم عطف تعالى بقصة هود على قصة نوح، فقال سبحانه: «وَإِلَى عَادٍ» أي: أرسلنا إلى عاد «أَخَاهُمْ هُودًا» يعني أخاهم في النسب دون الدين، ف «قَالَ» هود: «يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ» قيل: وحدوه بالتوحيد، وقيل: اعبدوه باتباع أوامره، وقيل: اعبدوه مخلصين، وإنما بدأ بالتوحيد؛ لأنه أهم، ولأن الشرع يبنى عليه. «مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ» يعني ما تعبدون من الأوثان ليسوا بآلهة، ولا يستحقون العبادة «إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ» كاذبون في قولكم: الأوثان آلهة «يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ أَجْرًا» أي: على تبليغ الرسالة، وأداء النصح جُعْلاً «إِنْ أَجْرِيَ» قيل: رزقي، وقيل: ثوابي على ما أتحمله وأبلغه «إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي» خلقني «أَفَلَا تَعْقِلُونَ» قيل: معناه لماذا عدلتم عن الاستدلال والتفكر فصرتم كمن لا يعقل، وقيل: معناه اعقلوا بأني أطلب نصحكم فاقبلوه، قيل: أفلا تعقلون عني ما أقول لكم، وهو مفهوم، عن أبي مسلم «وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ» قيل: آمنوا به وتوبوا من عبادة غيره، والمراد بالاستغفار الإيمان، وقيل: توبوا إليه؛ لأن التوبة استغفار، عن الفراء، وقيل: استغفروا لماضي ذنوبكم، وتوبوا بأن تعتصموا بالحق فيما يستقبل، ودوموا على ذلك، وقيل: اطلبوا المغفرة واجعلوها مقصودكم، ثم توصلوا إليها بالتوبة، والأول الغرض، والثاني: السبب، «يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ» يعني المطر «مِدْرَارًا» متتابعًا، وقيل: غزيرًا كثيرًا، عن الأصم.
  ومتى قبل: هل تكون نعم الدنيا جزاء للتوبة؟
  قلنا: لا، ولكن تكون لطفًا تدعو إلى الطاعة والدوام على التوبة.
  «وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ» أي: شدة إلى شدتكم قيل: يقوي أبدانكم ويصحها لتتمكنوا من الأفعال، وقيل: هو الأولاد التي يتقوى بهم المرء، وروي أنه تعالى حبس عنهم المطر، وأعقم أرحام نسائهم ثلاث سنين، فقال لهم هود: إن آمنتم أحيا لله بلادكم، ورزقكم المال والولد «وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ» أي: لا تعرضوا عن أمر اللَّه مشركين كافرين.