قوله تعالى: {ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ 58 وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد 59 وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود 60}
  الإبعاد، كما وقع (نباتًا) موقع الإنبات في قوله: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} ونصب «لعنةً»؛ لأنه خبر ما لم يسم فاعله.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى هلاك قوم هود لَمَّا لم يؤمنوا، فقال سبحانه: «وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا» قيل: عذابنا، عن الأصم، وأبي مسلم، وقيل: أَمْرُنا للملائكة بهلاك عاد، عن أبي علي. «نَجَّيْنَا هُودًا» أي: خلصناه من العذاب، وقيل: من أذى قومه «وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ» صدقوه، قيل: كانوا أربعة آلاف «بِرَحْمَةٍ مِنَّا» أي: بنعمة منا، وهي النجاة، وقيل: بالهدى والإيمان الذي هو رحمة من اللَّه، عن الأصم. «وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ» قيل: هو الريح الذي أهلك عادًا، عن الأصم، وقيل: عذاب القيامة، أي: كما نجيناهم من عذاب الدنيا كذلك نجيناهم من عذاب الآخرة، عن أبي علي، وقيل: أرسل اللَّه عليهم الريح سبع ليال وثمانية أيام، كما نطق به القرآن، وقيل: كانت تدخل الريح في مناخرهم، وتخرج من أدبارهم، وترمي بهم على مناخرهم، وترفعهم وتكبهم على وجوههم حتى تَقَطَّعَ أعضاؤهم، عن الأصم. «وَتِلْكَ عَادٌ» رده إلى القبيلة، فلذلك قال: «تلك»، ومعناه تلك عاد التي عرفتهم وقوتهم وبطشهم «جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ» قيل: الأدلة والحجج كلها، وقيل: معجزات هود ونبوته «وَعَصَوْا رُسُلَهُ» قيل: أراد هودًا وحده، وإنَّمَا جمع؛ لأن مَنْ كَذَّبَ رسولا واحدًا فقد كذب جميع الرسل، وقيل: كانت جميع الرسل طريقتهم واحدة، وقامت حجتهم على الكفار بوجوب إخلاص العبادة لله تعالى، فإذا خالفوا ذلك فهي مخالفة لجميعهم، عن أبي علي، وقيل: إن هودًا دعاهم إلى الإيمان بالرسل فأبوا، عن الأصم «وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ» أي: متكبر عات طاغٍ لا يقبل الحق. «وَأُتْبِعُوا» ألحقوا وأردفوا باللعنة، يعني لعنوا بعد الهلاك «فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً» قيل: لعنهم اللَّه، وقيل: لعنتهم الملائكة والمؤمنون، وقيل: لعنهم هو العذاب، عن الأصم، واللعن في الأصل: الطرد والإبعاد من الخير، وهو من اللَّه العذاب «وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ» يعني: يوم يقوم الناس