قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون 102}
  وعن محمد بن إسحاق أن جماعة من أحبار اليهود قالوا: ألا تعجبون من محمد يزعم أن سليمان كان نبيًا، وما كان إلا ساحرًا، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.
  · المعنى: هذه الآية عطف على ما تقدم أي نبذ فريق منهم كتاب اللَّه الذي في أيديهم «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ» وهو أيضًا إخبار عن مقابح اليهود، فقال تعالى: «وَاتَّبَعُوا» فيه ثلاثة أقوال: قيل: هم اليهود الَّذِينَ كانوا على عهد النبي ÷ عن الربيع وابن زيد والسدي، وقيل: اليهود الَّذِينَ كانوا زمن سليمان، عن ابن عباس وابن جريج وابن إسحاق، وقيل: الجميع عن بعضهم، قال: لأن مُبْتَغِي السحر من اليهود لم يزالوا منذ عهد سليمان إلى أن بعث اللَّه نبيه محمدًا ÷ ومعنى اتبعوا اقتدوا به «مَا تَتْلُو» يعني الذي تتلو، قيل: تتبع وتعمل به، عن ابن عباس، وقيل: تقرأ، عن قتادة وعطاء، وقيل: تكذب على ملك سليمان، عن أبي مسلم، يقال: تلا عليه إذا كذب، وتلاعنه إذا صدق، وإذا أبهم جاز الأمران، قال تعالى: {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ} وقيل: تتحدث وتخبر عنه، عن أبي عبيدة وأبي علي. «الشياطِينُ» قيل: شياطين الجن، وقيل: شياطين الإنس والجن، عن أبي علي. وقيل: شياطين الإنس وهو الأوجه «عَلَى مُلْكِ سُلَيمَانَ» عن ابن جريج. وقيل: على عهد ملك سليمان، وقيل: كذبوا على ملكه.
  ومتى قيل: لم أضافوا السحر إلى سليمان؟
  قلنا: فيه خلاف: قيل: عداوة، وقيل: ليقبل منهم، وكذبوا في ذلك، عن أبي علي. «وَمَا كَفَرَ سُلَيمَانُ» يعني أن اليهود أضافوا السحر إلى سليمان؛ لأن معنى قوله: «مَا تَتْلُو الشَّيَاطِين» المراد به السحر عند جماعة أهل العلم، والسحر كفر، فرد اللَّه تعالى عليهم وقال: «وَمَا كَفَرَ سُلَيمَانُ» ولكن: أضافوا السحر إليه، وزعموا أن ملكه كان به، عن ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير. قال ابن إسحاق: قالوا: ألا