التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ 69 فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط 70 وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب 71}

صفحة 3531 - الجزء 5

  سنها، عن ابن عباس، ووهب، وقيل: ضحكت سرورًا بالأمن منهم لما قالوا: (لا تخف)، وقيل: ضحكت: حاضت في الوقت، عن مجاهد، وعكرمة. قال الفراء: ولم أسمعه من ثقة، ومن جهة أنه كناية، وقال غيره: تقول العرب: ضحكت الأرنب إذا حاضت، وفي هذا تعسف «فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ» أي: بابن يسمى إسحاق «وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ» أي: من بعد إسحاق يعقوب، قيل: الوراء ولد الولد، عن ابن عباس، والشعبي. فبشرناها بابن وابن ابن.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الملائكة أتت إبراهيم بالبشارة بالولد، وبإهلاك قوم لوط، وحكى الأصم أنهم جاؤوه في أرض له يعمل، فلما فرغ غرز مسحاته، وصلى ركعتين، فقالت الملائكة: اللَّه أعلم به، حيث اتخذه له خليلاً.

  وعن السدي: لما قدم الطعام ولم يأكلوا فقال لهم: ألا تأكلون؟ فقالوا: لا نأكل طعامًا إلا بثمن، قال: فإن لهذا ثمنا، قالوا: وما ثمنه؟ قال: تذكرون اللَّه على أوله، وتحمدونه على آخره، فقال جبريل لميكائيل: حق لهذا أن يتخذه ربه خليلاً.

  وروي أنهم أتوه وهو يرعى غنمًا له.

  وتدل الآية على أن السلام من سنن الأنبياء والملائكة، ولا خلاف أنه مشروع في شريعتنا.

  وتدل على أنه كان خفي عليه حالهم، وذلك أنهم أرسلوا إلى قوم لوط، فجاز أن يخفى عليه حالهم، ويجوز أن يأتوه بالبشارة، وفي الابتداء يخفى حالهم، ثم يظهر، فتكون معجزة.

  وتدل على أن البشارة تتضمن أشياء:

  منها: أنه يولد له ولد على كبر سنه.