قوله تعالى: {ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب 77 وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد 78}
  تفضحوني في ضيفي، وقيل: لا تذلوني ولا تهينوني فيهم بركوبهم الفاحشة، وهذا كلام مبتلى بالسفهاء، سخر من فعلهم، وقيل: لا تستحيوني، يقال: خزي: إذا [استحيا]، وخزي: إذا ذل وهان «أَلَيسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ» قيل: يرشد إلى خير، ويمنع عن شر، عن أبي علي، وقيل: يأمر بمعروف، وينهى عن منكر، عن ابن إسحاق، وقيل: صالح شديد، وقيل: رجل يُهْتَدَى بصلاحه، ويميز ما له مما عليه، عن أبي علي «قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ» قيل: لسنا بأزواج لهن، عن أبي علي، وابن إسحاق، وقيل: ما لنا في بناتك من حاجة، فجعلوا تناول ما لا حاجة فيه كتناول ما لا حق لهم، فالأول رد على ظاهر اللفظ، والثاني على المعنى، وقيل: ما لنا في بناتك من حق؛ لأنك دعوتنا إلى نكاحهن بشرط الإيمان، ونحن لا نجيبك إلى ذلك، فلا يكون لنا فيهن حق، عن أبي مسلم. «وَإنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ» من إتيان الرجال، فلما لم يقبلوا الوعظ، ولم ينتهوا أخذ لوط يتأسف على خلوه من عدد وعُدَّة يتمكن بها من النهي عن المنكر فـ «قَال لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً» أي: مَنَعَةً وقدرة على دفعكم «أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ» أرجع إلى عشيرة مانعة أتمكن بهم من النهي عن المنكر، وقيل: أراد قوة في نفسي، أو أنصارًا من عشيرتي، وإلا فله من اللَّه ركن وثيق، وقيل: لم يبعث بعده نبي إلا في ثروة من قوة، ومنعة من عشيرته.
  · الأحكام: تدل الآية على أن لوطًا لم يعرف أنهم رسل اللَّه، وأنهم لماذا جاؤوا، وإنما ظنهم أضيافًا، فخاف عليهم من قومه، وذلك لمصلحة يعلمها اللَّه، وقيل: ليعاينوا فعل القوم، وقيل: لشديد المحنة عليهم.
  وتدل على دفعه عنهم بالموعظة الجميلة، وتأسف على عدم قوة يتمكن بها من دفعهم، فتدل على أن الواجب دفع القبيح بما يمكن من الموعظة، وباليد