قوله تعالى: {ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب 77 وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد 78}
  امرأته وأخبرت قومه، وقالت: في بيت لوط رجال ما رَأَيْت أحسن وجوهًا، ولا أطيب ريحًا، ولا أنظف ثيابًا منهم، عن الأصم، وقيل: دخنت دخان، وكان ذلك عَلَمًا عندهم فجاؤوا «يُهْرَعُونَ» قيل: يسرعون في المشي، عن مجاهد، وقتادة، والسدي، إنما أسرعوا لطلب الفاحشة، وقيل: يدفعون، عن ابن عيينة، وقيل: يساقون وليس هناك سائق غيرهم، وإنما أضيف الفعل إليهم على لفظ ما لم يسم فاعله، يعني أن بعضهم يسوق بعضًا، عن أبي مسلم «إِلَيهِ» يعني إلى لوط «وَمِنْ قَبْلُ» قيل: من قبل إتيان الملائكة، وقيل: من قبل مجيئهم إلى ضيفان لوط، وقيل: من قبل مجيئهم إلى لوط وداره، عن أبي علي، وقيل: قبل بعثة لوط إليهم، وقيل: إنما قال «من قبل»؛ لأنهم جهروا بها ولم يستحيوا «كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ» المعاصي، وهي إتيان الرجال في أدبارهم، «قَالَ» لوط لهم «يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي» منعهم بألطف منع، وعرض عليهم بناته، واختلفوا، فقيل: أراد بناته لصلبه، عن قتادة، وقيل: نساء أمته؛ لأنهن كالبنات له، عن مجاهد، وسعيد بن جبير، واختلفوا كيف عرض؟ قيل: بالتزويج، وكان يجوز تزويج المؤمنة من الكافر في شريعته، وكذلك كان في صدر من الإسلام، ثم نسخ، وقيل: أراد التزويج بشرط الإيمان، عن الأصم، والزجاج. وكانوا يخطبون بناته فلا يزوجهن منهم لكفرهم، واختلفوا، فقيل: كان لهم سيدان مطاعان، فأراد أن يزوجهما ببنتيه: زغوراء، ورمياء، وقيل: قاله للكبراء الَّذِينَ أتوا بالعوام ليدفعوا عن أضيافه العوام، عن الأصم «هُنَّ أَطهَرُ لَكُمْ» قيل: تزويجهن أطهر لكم من نكاح الذكور، وقيل: هن أطهر من معاصي اللَّه.
  ومتى قيل: أي طهارة في نكاح الرجال حتى يقال: أطهر منه؟
  قلنا: ليس هذا لزيادة الفعل، وإنما المراد هو الظاهر، كقولهم: اللَّه أكبر، وكقوله: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ} ولا خير فيها.
  «فَاتَّقُوا اللَّهَ» أي: اتقوا ما نهاكم عنه قيل: معناه آمِنوا، فإذا آمنتم زوجتكم بناتي، والتقوى اسم لجميع الإيمان كله، عن أبي مسلم «وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيفِي» أي: لا