قوله تعالى: {وإلى مدين أخاهم شعيبا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط 84 وياقوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين 85 بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ 86}
  وقيل: بقية اللَّه ثوابه على العدل والنصفة خير من المال الذي خانوا فيه، يعني ما يبقى لكم عنده إذا أطعتموه، وهو الثواب خير لكم، عن أبي مسلم، وقيل: هو من البقاء يعني أن تبقوا على أنفسكم خير لكم، فلا تتعرضوا للعقاب، ومنه:
  فَمَا بُقْيًا عَلَيَّ تَرَكْتُمَانِي ... وَلَكِنْ خِفْتُمَا صَرَدَ النِّبَالِ
  وقيل: إبقاء اللَّه نعمه خير لكم من إزالتها بالعذاب بالمعاصي، فالبقية في الرحمة والهلاك في العذاب، عن ابن زيد، وقيل: قليل في طاعة خير من كثير في معصية، وقيل: حظكم من ربكم، عن قتادة «إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» فهو خير لكم «وَمَا أَنَا عَلَيكُمْ بحَفِيظٍ»، قيل: لا أحفظ أعمالكم، فاللَّه يحفظها، فاعبدوه يحفظ ذلك، عن أَبي علي، وقيل: لست بحفيظ عليكم حتى أحملكم على الطاعة، وليس عَلَيَّ إلا البلاغ، وما أنا بضمين فأوخذ بكم، عن أبي مسلم، قيل: كان لم يؤمر بالقتال.
  · الأحكام: تدل الآية على إرساله شعيبًا، وأنه دعاهم إلى عبادة اللَّه والتوحيد أولا، فتدل على أن التوحيد أهم الأشياء.
  وتدل على تحريم النقصان في الكيل والوزن.
  وتدل على عظم موقع الظلم؛ لأنه إذا خيف العذاب في البخس في الدوانيق والحبات، فما هو أعظم في الظلم أولى.
  وتدل على أن المعصية يخاف عندها العذاب.
  ويدل قوله: «بَقِيَّتُ اللَّهِ» على أنه يشتمل على نعم الدنيا والآخرة، فكل ذلك من جهته.
  وتدل على أن العبادة وإيفاء الكيل والوزن فعلهم؛ ليصح الأمر، فيبطل قول مخالفينا في المخلوق.
  وتدل على أن العذاب جزاء الأعمال.