التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا ياشعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد 87 قال ياقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب 88 وياقوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد 89 واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود 90}

صفحة 3552 - الجزء 5

  والشقاق: الخلاف، وأصله من الشق، وهو ناحية من الجبل، فكأنه صار في شق مباين بالعداوة، ويقال: شق فلان العصى إذا فارق الجماعة.

  والودود: المحب من الود، وهو المحبة، فلان ودِيدُهُ أي: يتوادان، وَدِدْتُ الرجل أَوَدُّهُ وُدًّا وودادًا بفتح الواو وكسرها.

  · الإعراب: {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} ليس بِعطف على (أن) الأولى، وإنما هو معطوف على (ما) بتقدير: أو نترك فعل ما نشاء في أموالنا، وفيه وجه آخر، أن يجعل الأمر كالنهي، كأنه قيل: أصلواتك تأمرك بكذا، وتنهاك عن كذا، فتكون حينئذ مردودة على (أن) الأولى.

  ويقال: أين جواب قوله: {إِن كنُتُ عَلَى بَيِّنَةِ

  قلنا: محذوف، وتقديره: إن كنت على بينة من ربي ورزقني فلا أزول عما أنا عليه من عبادته مع هذه الحال الموجبة للعبادة.

  «مِثْلُ مَا أَصَابَ» يحتمل (مِثْلُ) الرفع على أنه فاعل الفعل يصيب. ويحتمل النصب بتقدير: كما أصاب، فلما حذف حرف الخفض انتصب (مثل).

  · المعنى: ثم حكى تعالى جدال قوم شعيب له بغير حجة، فقال سبحانه: «قَالُوا» يعني قوم شعيب «أَصَلاُتُكَ تَأمُرُكَ» قيل: كان شعيب كثير الصلاة؛ ولذلك قالوا ذلك، عن ابن عباس، وقيل: إقباله على الصلاة المفروضة، وقيل: صلواتك: دينك، عن أبي مسلم، وقيل: معناه: في صلواتك الأمر بكذا، عن الحسن «تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ» وقيل: هل من حكم صلواتك ترك دين السلف؟ عن أبي مسلم، فجعلوا ملكهم علة لجواز تصرفهم على أي وجه شاؤوا،