قوله تعالى: {ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد 100 وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب 101 وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد 102 إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود 103 وما نؤخره إلا لأجل معدود 104 يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد 105}
  الله كفر، وجهلهم بِاللَّهِ كفر، فإذا انضم إلى ذلك عبادة الصنم فقد انضم كفر إلى كفر، وأضاف الهلاك إلى الأصنام؛ لأنها السبب في ذلك «وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ» يعني: هكذا أخذ ربك لهَؤُلَاءِ كما أخذ القرى وهي ظالمة، وقيل: هكذا عادة اللَّه في إهلاك القرى لا محاباة فيه، وقوله: «وَهِيَ ظَالِمَةٌ» أي: أهلها ظلمة «إِنَّ أَخْذَهُ» بالعذاب «أليمٌ» موجع «شَدِيدٌ» لا راحة فيه «إِنَّ فِي ذَلِكَ» في أخذنا هَؤُلَاءِ، وقيل: في هذا النبأ «لَآيَةً» أي: علامة وبرهانًا وعبرة «لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ» وهم الَّذِينَ يؤمنون بالآخرة، وخصهم بذلك؛ لأنه يتفكر فيه وينتفع به، دون الجاهل، وإلا فهو حجة للجميع، وقيل: إنهم يعلمون أنه لا يخلف وعده ووعيده «ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ» يعني يجمع فيه الخلق للجزاء «وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ» يشهده أهل السماء والأرض، وليس يوم بهذه الصفة إلا يوم القيامة، وقيل: يشهده المتقون، ويساق إليه المجرمون، وقيل: يشهدون ما وقع لهم من الجزاء، عن الأصم، وقيل: يشهده الملائكة والأنبياء للشهادة على الأمم «وَمَا نُؤَخِّرُهُ» يعني الجزاء والعذاب «إِلَّا لأَجَلٍ مَعْدُودٍ» لوقت قد عد وضرب، وهو يوم القيامة.
  ومتى قيل: لمن عددها؟
  قلنا: إذا كتبها اللَّه تعالى في اللوح المحفوظ، وأطلع عليه ملائكته صار أجلاً معدودًا، وكتم عن الناس لطفًا لكيلا يَأمَنَ كل ساعة من كونه.
  «يَؤْمَ يَأْتِ» يعني الجزاء والقيامة «لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ» أي: لا تتكلم في ذلك اليوم إلا بأمره، فلا يتكلم أحد حتى يُؤْذَنَ له، وقيل: يمنعون من الكلام إلا بالحق، فإنه مأذون فيه، ولا يجوز أن يقع منهم القبيح، وهم ملجؤون إلى ذلك، عن أبي علي، وقيل: لا يتكلم بكلام ينفع من شفاعة ووسيلة إلا بإذنه، وقيل: لا يتكلم العاصي بل يختم على فمه، وقيل: هي مواقف لا يؤذن [فيها]، ومواقف يؤذن