قوله تعالى: {فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق 106 خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد 107 وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ 108}
  قلنا: هذا خبر واحد فلا يترك له أدلة العقل، وظاهر القرآن على أنه إذا صح فمعناه أي: من كان شقيًا، فاللَّه يعلم أنه شقي، وهو في بطن أمه يعلم أنه يعصي، فيشقى، ويعلم أنه يطيع، فيسعد، وأما إن حمل على أنه في تلك الحال يشقي من غير ذنب، فلا يصح؛ لأنه لا ذنب له، ولأنه كان يجوز أن يلعن ويذم، كما في حال كفره، وما روي في خبر عمر: «كل ميسرٌ لما خلق له»، دليل على ما نقول؛ لأنه خلق للطاعة، وهو ميسر لذلك، يدل عليه قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦} وقوله ÷: «كل مولود يولد على الفطرة».
قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ١٠٦ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ١٠٧ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ١٠٨}
  · القراءة: قرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: «سُعِدُوا» بضم السين، وقرأ الباقون بفتحها اعتبارا بقوله: «شَقُوا» وإنما جاز ضم السين؛ لأنه على حذف الزيادة من أسعدوا؛ إذ هو لا يتعدى، ومثله في حذف الزيادة محبوب ومجبوب، وإنما الفعل أحبه وأجَبَّهُ، وسعد وأسعد بمعنى.
  · اللغة: الزفير: ترديد النفس مع الصوت مع الحزن حتى تنتفخ الضلوع، وأصله: الشدة، من قولهم مزفور: شديد الخلق، والزَّفْرُ: الحمل على الظهر خاصة لشدته، والجمع: أزفار، والزفر: الشد، وزَفَرَت النار: إذا سمع لها صوت في شدة توقدها، والزوافر: