التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص 109 ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب 110 وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير 111}

صفحة 3572 - الجزء 5

  وأما وجه قراءة ابن عامر وحمزة ب (إنَّ) الثقيلة فبقي على الأصل، و (لما) يعني «لمن ما» فاجتمعت ثلاث ميمات، فحذفت واحدة وأدغمت الأولى في الثانية، قال الشاعر:

  وَإِلي لَمِمَّا أُصْدِرُ الأمْرَ وَجْهَهُ ... إِذَا هُوَ أَعْيا بِالسَّبِيل مَصَادِرُهْ

  عن الفراء.

  وقيل: أراد (كُلاً لمًّا) بالتنوين، كما قرأهن الزهري، بمعنى شديدًا وجميعًا، كقوله: {أَكْلًا لَّمًّا} من لممت الشيء ألمُّهُ: إذا جمعته، إلا أنها بنيت على «فَعْلَى» فلم تنصرف نحو: «نبزى»، عن الزجاج، وقيل: (لما) بمنزلة إلا ليوفينهم، وهو اختيار الزجاج، وقيل: إنها المخففة، فشددت للتأكيد، عن المازني.

  فأما وجه قراءة أبي عمرو والكسائي: جعلوا (ما) صلة، و (إذ) مشددة للتأكيد وتقديره: وإن كُلًّا ليوفينهم.

  فأما وجه قراءة أبي بكر عن عاصم: فأراد (إن) الثقيلة فخففت، وقيل: جعل (إن) بمعنى (ما) الجحد، و (لما) بمعنى إلا، وتقديره: وما كلٌّ إلا ليوفينهم. ونصب (كُلًّا) بإيقاع التوفية عليه أي: ليوفين كُلًّا.

  · اللغة: التَّوْفِيَةُ: إكمال العطية وإتمامها، عن أبي مسلم.

  والمِرْيَةُ: الشك مع ظهور الدلالة للتهمة، مأخوذ من مَرْي الضرع لِيُدِرَّ بعد دروره.