التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير 112 ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون 113 وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين 114 واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين 115}

صفحة 3577 - الجزء 5

  الحج بعد عرفة، ومنه: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ} قال أبو مسلم: الزلف: الساعات والأوقات أيضًا؛ لأنه يقرب إلى الوقت، ساعة بعد ساعة.

  · الإعراب: التاء من (أُمِرْتَ) في محل الرفع؛ لأنه فعل ما لم يسم فاعله. «ومن تاب» معطوف عليه.

  «زلفًا» نصب على الظرف؛ لأنه يريد في ذلك الوقت.

  · النزول: عن ابن عباس: ما نزلت آية كانت أشق على رسول اللَّه ÷ من هذه الآية: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}، وقال: «شيبتني هود وأخواتها».

  وقوله: «أقم الصلاة» قيل: نزلت في رجل من الأنصار، كان يبيع التمر، فأتته امرأة تبتاع التمر، فقال: هذا ليس بجيد، وفي البيت أجود منه، وذهب بها إلى بيته، ثم ضمها إلى نفسه، فقالت: اتق اللَّه، فتركها وندم على ذلك، وأتى النبي ÷، فأخبره بما فعل، فلم يَرُدَّ عليه، وقال: «أنتظر أمر وحي»، وحضرت صلاة العصر، فصلى رسول اللَّه - صلى عليه وآله، فلما فرغ قال: «أين السائل»؟ فقال: ها أنذا، فقال: «أشهدت معنا هذه الصلاة»؟ قال: نعم، قال: «اذهب فإنها كفارات لما عملت»، فنزلت الآية، قال عمر: هذا له خاصة أم لنا عامة؟ فقال: «بل للناس عامة».

  · النظم: قيل: لما تقدم نبأ الأمم، وتكذيبهم الأنبياء، قال تثبيتًا للنبي ÷ «فَاسْتَقِمْ» على أداء الرسالة وإقامة أمر اللَّه، عن أبي مسلم.

  وقيل: لما ذكر تكذيب قومه له، بيّن أن اللَّه تعالى يكفيه أعداءه، فاشتغل بما أمرت، واستقم عليه، وبين الاستقامة من بعد، ذكره شيخنا أبو حامد.