التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير 112 ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون 113 وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين 114 واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين 115}

صفحة 3578 - الجزء 5

  · المعنى: «فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ» أي: استقم يا محمد على أمر ربك، والعمل به، والدعاء إليه كما أمرت. والاستقامة: هو أداء ما أمر به والانتهاء عما نهي عنه، وقيل: استقم على القرآن، عن عائشة، والثوري، وقيل: الخطاب له والمراد أُمَّتُهُ، عن السدي. «وَمَنْ تَابَ مَعَكَ» أي: رجع معك إلى طاعة اللَّه، يعني واستقم أنت والمؤمنون، وقيل: استقم أنت على الأداء، واستقيموا على القبول «وَلا تَطْغَوْا» قيل: لا تجاوزوا أمر اللَّه بالزيادة والنقصان، فتخرجوا عن حد الاستقامة، عن أبي علي، وقيل: لا تعصوا اللَّه ولا تخالفوه، عن ابن زيد. «إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» أي: عليم بأعمالكم، لا يخفى عليه شيء فيجازيكم به «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا» قيل: لا تميلوا إلى الظلمة في شيء من دينكم، عن ابن عباس، والأصم. وقيل: لا ترضوا بأعمالهم، عن أبي العالية، تلحقوا بالمشركين، عن قتادة، وقيل: لا تداهنوا الظلمة، عن السدي، وابن زيد. وقيل: الركون المنهي عنه الدخول معهم في ظلمهم، أو إظهار الرضا بفعلهم، أو إظهار موالاتهم، فأما إذا دخل عليهم أو خالطهم لدفع شرهم أو لحسن معاشرتهم فيجوز، عن القاضي، وقيل: الركون إليه أن يصير عونًا له «فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ» أي: يصيبكم العذاب والنار «وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ» أي: لا يكون لكم سواه أعوان تمنعكم من عذابه، وقيل: إن ركنتم إليهم يَكِلُكُم اللَّه تعالى إلى حولهم وقوتهم «ثُمَّ لا تُنْصرونَ» أي: لا تنصرون في الدنيا على الكافرين والظالمين إذا ركنتم إليهم؛ لأنكم لا تستحقون النصر، عن أبي علي، وقيل: لا تغنيكم شفاعته، قيل: لا حول يمنع ولا أمر يدفع، عن أبي مسلم «وَأَقِمِ الصَّلاةَ» أَدها بتمامها «طَرَفَيِ النَّهَارِ» قيل: صلاة الغداة والمغرب، عن ابن عباس، والحسن، وابن زيد، وأبيَ علي. وقيل: صلاة الفجر وصلاة العشاء، عن مجاهد. وقيل: صلاة الفجر والظهر والعصر، عن محمد بن كعب القرظي. وقيل: صلاة الفجر والعصر، عن الضحاك. وقيل: صلاة الفجر والظهر، عن مقاتل. «وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ» أي: قريبًا من طرفي النهار، قيل: العشاء الآخرة، عن ابن عباس، ومجاهد، وابن زيد. وقيل: المغرب والعشاء، وقيل: طرفي