التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير 112 ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون 113 وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين 114 واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين 115}

صفحة 3580 - الجزء 5

  وتدل على أن التوبة عما سلف لا تصح إلا مع التمسك بأداء الواجبات فيما يستقبل.

  وتدل على قبح الركون إلى كل ظالم، وهذا الركون ينقسم، فمنه: الميل إليهم، ومنه: الرضاء بطريقتهم، ومنه: معاونتهم، ومنه: موالاتهم، فأما مخالطتهم لدفع الشر، أو حسن معاشرتهم والرفق في القول فذلك غير منهي عنه، وقد ندب اللَّه تعالى باللين والرفق في مخاطبة الكفار، فالظَّلَمَةُ أولى.

  وتدل على أن من ركن إلى الظالم تمسه النار، ولا ناصر له، فيبطل قول المرجئة في الشفاعة.

  ويدل قوله: «أقم الصلاة» على وجوب الصلاة بهذه الأوقات.

  وتدل على المواقيت في الجملة، وقد بين رسول اللَّه ÷ تفصيل ذلك.

  ويدل قوله: «إن الحسنات» على أن في الطاعة ما يزيل المعصية، والأصح ما حكيناه عن أبي علي |، ولا تصح دعوى العموم فيه؛ لأنا نعلم أن كثيرًا من الحسنات تقع من الكفار ولا تُكَفِّرُ معاصيهم.

  ويدل قوله: «ذكرى» على وجوب النظر والتدبر.

  ويدل قوله: «واصبر» على وجوب الصبر على الطاعة واجتناب المعصية، ويدل أن شيئًا من أعمال العباد لا يضيع، وإنما يضيعه العبد إذا فعل ما يحبطه.

  وتدل على الموازنة؛ لأنه متى نقص من عقابه مقدار طاعة فقد وفاه، ولم يصنع ما يحبطه.

  وتدل على أن الاستقامة والتوبة والصلاة والذكرى فعل العبد، فيبطل قول الْمُجْبِرَة في المخلوق.