قوله تعالى: {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير 112 ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون 113 وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين 114 واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين 115}
  النهار الفجر والظهر والعصر، «وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ» المغرب والعشاء، عن الأصم؛ لأن الظهر تبع للطرف الأخير؛ لأنه بعد الزوال، وزلفا قريبًا من طرفي النهار «إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ» قيل: الحسنات الصلوات الخمس يكفرن الخطايا، والسيئات الصغائر؛ لأنه عرف الحسنات بالألف واللام، وقد تقدم ذكر الصلاة فانصرف إليه، وهذا قول أكثر المفسرين. وقيل: الحسنات قول العبد: سبحان اللَّه، والحمد لله، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر. عن مجاهد. وقيل: الحسنات التوبة تزيل المعاصي، وقيل: الطاعات يكفرن السيئات، وتكفيرها وجهان:
  أحدهما: أن تكون طاعاته أعظم ثوابا من عقاب سيئاته، فكانت سيئاته الصغيرة.
  والثاني: التوبة تكفر الكبائر، وأراد تعالى الوجهين، عن أبي علي.
  وقيل: الحسنات أفعال الخير كله، وهو فعل النبي والمؤمنين.
  «يُذْهِبْنَ السَّيّئَاتِ» يُزِلْنَ السيئات، وهي أفعال الشر كله، وهو فعل المشركين، ومعنى (يذهبن): يزلن، فتبقى الحسنات، وتذهب السيئات، وهي بشارة للنبي ÷ بأنه يغلب المشركين، ويظهر دينه على أديانهم حتى يكون الخير غالبًا، ونظيره قوله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} عن أبي مسلم. «ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ» فيثبتون على الدين، عن أبي مسلم. قيل: (ذلك) يعني القرآن (ذكرى)، وقيل: إقامة الصلاة بذكره ذنوبه فيتوب عنه، وتدعوه إلى مجانبة القبيح كقوله: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} عن الأصم، وقيل: ذلك الوعد ذكرى «وَاصْبِرْ» قيل: على تبليغ الرسالة، وأداء الحقوق، وقيل: على أذى الكفار «فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ» أي: لا يبطل إحسانهم بل يوفر عليهم جزاءه. وقيل: المصلين، عن ابن عباس.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الاستقامة في الدين، والاستقامة أداء الواجبات، واجتناب المحرمات.