قوله تعالى: {وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين 120 وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون 121 وانتظروا إنا منتظرون 122 ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون 123}
  بِهِ فُؤَادَكَ» بَدَلاً عنه، عن الزجاج. قال أبو مسلم: هو مفعول به، يريد كلا نقص عليك ما نثبت به فؤادك، فيكون (كُلًّا) منصوبًا على الظرف.
  و (ما) في قوله: «نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ» منصوب بوقوع الفعل عليه، والعامل فيهما واحد، وهو قوله: «نقص». و «فؤادك» منصوب بوقوع التثبيت عليه.
  · المعنى: لما تقدم قصص الأنبياء بين في هذه الآية أن فائدته تثبيت فؤادك، وتسكينه بتكذيب قومه، وأن اتبع آثارهم، ولا تعمل بعمل أممهم الَّذِينَ استحقوا العذاب ترغيبًا وترهيبًا، فقال سبحانه: «وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ» أي: إنا نقص عليك كل هذه القصص «مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ» قيل: نسدده، عن ابن عباس، وقيل: نقوي، عن الضحاك، وقيل: نُصَبِّر لئلا تضيق، عن ابن جريج، وقيل: ليطيب به قلبك مما نالك من قومك «وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ» قيل: في هذه السورة، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقيل: في هذه الدنيا، عن قتادة، وقيل: في هذه الرسالة، عن الأصم، وقيل: في هذه الأنباء، عن أبي علي. والأوجه أن المراد به في هذه السورة وسائر السور. «الْحَقُّ» يعني الصدق من الأنباء من والوعد والوعيد «وَمَوْعِظَةٌ» أي: تخويف وزجر عن المعاصي «وَذِكْرَى» قيل: تذكرة للآخرة والوعد والوعيد ليذكروا ويتعظوا «لِلْمُؤْمِنِينَ» فخصهم بالذكر؛ لأنهم ينتفعون به، ولأنهم يصدقونه «وَقُلْ» يا محمد «لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ» قيل: اعملوا ما قدرتم عليه بجهدكم وطاقتكم، فأنا أعمل بجهدي وطاقتي، وقيل: اعملوا على ما أنتم عليه، فأنا أعمل على ما أنا عليه من الإسلام، وهذا وعيد وليس بأمر، وقيل: «إِنَّا عَامِلُونَ» قيل: اعملوا ما قدرتم عليه بجهدكم وطاقتكم في انتقاص آجالكم وأرزاقكم، عن الأصم «وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ» قيل: انتظروا للعذاب والقهر ونحن ننتظر الرحمة والنصر، عن أبي علي، وقيل: انتظروا مواعيد الشيطان، فأنا أنتظر مواعيد الرحمن، فلما ذكر الوعيد اتصل به {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ليتحقق ذلك، ويعلم أنه القادر على ذلك لا يُمْنَع منه، «وَلِلَّهِ