التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الر تلك آيات الكتاب المبين 1 إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون 2 نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين 3}

صفحة 3592 - الجزء 5

  التوحيد والمواعظ والأحكام، وقيل: أحسن القصص قصة يوسف، وقيل: أراد بالأحسن الحَسَن كقوله: «اللَّه أكبر».

  ومتى قيل: هل يكون حُسْنٌ أحسن من حُسْنٍ، وصِدْقٌ أصدقُ من صِدْقٍ؟

  قلنا: لا، وإنما يطلق أحسن وأصدق في جملة، وجملة لا يتخللها إلا ما هو حسن، وصدق، وجملة أخرى خلافها، فمن هذا الوجه تستعمل، فأما إذا كان شيئًا واحدًا فلا.

  «بِمَا أَوْحَينَا إِلَيكَ» أي: بوحينا إليك يا محمد هذه القصة في القرآن؛ لأن القصة قد تكون غير قرآن، وقيل: بوحينا إليك أخبار الأمم تصديقًا لأمرك، وتحقيقًا لنبوتك «وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ» أي: من قبل إنزال الوحي والقرآن من الغافلين، قيل: كنت غافلاً [عن] قصة يوسف، وسورة يوسف.

  · الأحكام: تدل الآية على حدث القرآن من حيث [فصَّله] ووصفه بصفات لا تليق بالقديم سبحانه، منها: كونه دلالة، ومنها: كونه منزلاً، ومنها: كونه عربيًّا، ومنها: كونه مجموعًا مكتوبًا.

  ويدل قوله: «عربيا» أن جميع ما فيه عربي ليس فيه لغة أخرى، ويبطل قول من يقول: فيه لغات فارسية ورومية.

  وتدل على أن الغرض منه أن يُعْلَم، بخلاف قول من يقول: لا يفهم معناه، أو أن الغرض من بعضه ألا يفهم؛ لذلك قال: «لعلكم تعقلون».

  ويدل قوله: «أحسن القصص» على أن قصص القرآن من أحسن الحديث وأصدقه، وقد بَيَّنَّا كيف يستعمل الأحسن والأصدق.

  ومتى قيل: إذا قال: «نحن نقص» فهل يوصف بأنه قاصٌّ؟