التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الر تلك آيات الكتاب المبين 1 إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون 2 نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين 3}

صفحة 3591 - الجزء 5

  · النزول: قيل: إن علماء اليهود قالوا لكبراء المشركين: سلوا محمدًا عن خبر يوسف وإخوته، وَلمَ نزلوا مصر، وتركوا منزلهم بالشام، فنزلت السورة، عن الأصم.

  وقيل: إن أصحاب رسول اللَّه ÷ قالوا: لو قصصت علينا، فأنزل اللَّه تعالى: «نحن نقص عليك أحسن القصص» قالوا: يا نبي اللَّه، لو حدثتنا فنزل: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ}.

  · المعنى: {الر} قد بَيَّنَّا ما قيل فيه، وأن أولى الأقوال أن يكون اسمًا للسورة، كما روي عن الحسن، وأبي علي، أو أنه إشارة إلى أن هذا الكتاب من هذه الحروف، وأنتم تتكلمون بها، فإذا عجزتم عن مثله فاعلموا أنه معجز، وأنه كلام اللَّه تعالى على ما ذكره أبو مسلم، أو أنها حروف من أسماء اللَّه تعالى على ما روي عن ابن عباس، فقوله: {الر} أنا اللَّه أرى «تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ» قيل: إشارة إلى السورة، فهو إشارة إلى ما يأتي على التوقع لها، وقيل: تلك آيات، وقيل: إنه إشارة إلى ما تقدم من اسم السورة، كأنه قال: سورة يوسف تلك؛ لأن (الر) اسم للسورة، وقيل: هي إشارة إلى ما وعده اللَّه تعالى من إنزال الكتب إليه، وبشر به على ألسنة الرسل فقال: «تلك» تصديقًا لما وعد «آيات الكِتاب» أي: علامات الكتاب دلالاته وإعجازه، وسائر ما تحتاجون إليه من أمر دينكم «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ» يعني الكتاب «قُرْآنًا»، وسمي قُرْآنًا، لأنه يُجْمَع ويُقْرَن بعضه إلى بعض، فسمي قرآنا «عَرَبِيًّا» يعني بلغة العرب بأنفاس العرب «لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» أي: لتعلموا معانيه وأحكامه، وتفهموا جميع ما فيه، وقيل: لتعلموا أنه من عند اللَّه إذا كان عربيًّا وعجزتم عن مثله «نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيكَ» أي: نخبرك «أَحْسَنَ الْقَصَصِ» قيل: سمي أحسن لأنه بلغ النهاية في الفصاحة مع حسن المعاني، وصدق الحديث، والفائدة العظيمة، عن أبي مسلم، وقيل: لأن فيه أخبار الأمم الماضية، وأخبار ما يكون في المستقبل وفي القيامة مع جودة اللفظ وحسن المعنى، عن أبي علي، وقيل: لأنه يتضمن العبر والأحكام والأخبار عن الأنبياء مع ما فيه من