التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ قال يوسف لأبيه ياأبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين 4 قال يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين 5 وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم 6}

صفحة 3595 - الجزء 5

  وفي قوله: «يَابُنَيَّ» ثلاث ياءات: ياء التصغير، وياء الأصل، وياء الإضافة، حذف أحدهما وأدغم الأخرى، والكسرة دلالة للمحذوف.

  و (يكيدوا) محله نصبٌ؛ لأنه جواب النهي في قوله: «لا تقصص».

  «لك» قيل: اللام صلة، أي: يكيدوك، كقوله: {لِرَبِّهِم يَرْهَبُونَ} وكقولهم: نصحتك، ونصحت لك، وشكرتك، وشكرت لك، وقيل: معناه: ليكيدوا لأجلك كيدًا، و «كيدًا» نصب على المصدر، وذكره تأكيدًا، كقولهم: ضربه ضربًا.

  والكاف في قوله: «وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ» كاف التشبيه، أي كما أراك في المنام كذلك يجتبيك، و (إبراهيم وإسحاق) بدل من أبويك، إلا أن إبراهيم وإسحاق اسمان لا ينصرفان.

  · المعنى: ثم ابتدأ تعالى بقصة يوسف، فقال سبحانه: «إِذْ قَال» أي: اذكر إذ قال «يُوسُفُ لأَبِيهِ» يعقوب @، وروي عن النبي ÷ أنه قال: «الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم» «يَا أَبَتِ» ناداه تنبيهًا «إِنِّي رَأَيْتُ» أي: في منامي باتفاق المفسرين، قال ابن عباس: كانت الرؤيا فيهم وَحْيًا «أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ» وقال ابن عباس والحسن: الشمس والقمر أبواه، والكواكب إخوته الأحد عشر، وقال السدي: الشمس أبوه والقمر خالته؛ لأن أمه «راحيل» قد كانت ماتت، وقيل: رأى هذه الرؤيا وله اثنتا عشرة