التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ قال يوسف لأبيه ياأبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين 4 قال يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين 5 وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم 6}

صفحة 3596 - الجزء 5

  سنة، عن وهب، وقيل: كان بين رؤياه وبين مسير أبيه وإخوته إلى مصر أربعون سنة، عن ابن عباس وأكثر المفسرين، وقيل: ثمانون سنة، عن الحسن «رَأَيْتُهُمْ» أعاد رأيتهم تأكيدًا لما طال الكلام، وقيل: لأنه نوبتان، دل أنه رآهم ورأى سجودهم له، عن أبي علي «لِي سَاجِدِينَ» قيل: أراد السجود المعروف حقيقة تكرمة له، لا عبادة، وقيل: هو الخضوع له، عن أبي. علي، وقيل: رآهم هبطوا من السماء، فسجدوا له، عن مقاتل، وقيل: لما بلغ إخوته رؤياه، قالوا: ما رضي أن سجد له إخوته حتى سجد له أبواه، «قَالَ» يعقوب: «يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ» أي: لا تخبرهم بذلك ظن أنهم يحسدونه، ونهاه عن إظهار رؤياه، وإنما قال «رؤياك» ولم يقل «ما رأيت»؛ لأن ذلك لَمْ يكن رؤية في الحقيقة «فَيَكِيدُوا لَكَ كَيدًا» يحتالون عليك، ويبغونك الغوائل؛ لأنهم يعلمون تأويلها، فيحسدونك «إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ» ظاهر العداوة يلقي بينكم العداوة، ويفتنهم بك، عن الأصم «وَكَذَلِك يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ» أي: كما أراك هذه الرؤيا تكرمة لك يجتبيك، أي: يختارك، قيل: بالنبوة، عن الحسن، وقيل: هذا تأويل رؤياه عبرناه، عن أبي مسلم «وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ» قيل: تعبير الرؤيا، عن قتادة، ومجاهد، وسماه تأويلا؛ لأنه يؤول أمره إلى ما رآه في منامه، يعني تأويل أحاديث الناس فيما يرونه في منامهم، قال ابن زيد: كان أعبر الناس للرؤيا، وقيل: تأويل الأحاديث في كتب اللَّه ودلائله على توحيده، والمشروع من شرائعه، وأمور دينه، عن الحسن، وأبي علي، وقيل: يعلمك معرفة الأشياء قبل كونها، وهو الغيب دلالة على رسالتك، عن أبي مسلم، وقيل: علم النبوة، عن الأصم، وأضاف التعليم إلى اللَّه تعالى لأنه يعلمه بالوحي «وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ» بالرسالة والعلم وغيرها «وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ» وهم إخوته الأحد عشر بالنبوة، وكانوا اثني عشر، عن ابن عباس، وقيل: يتم نعمته عليهم بإنقاذهم من المحن على يديك،