التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يابشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون 19 وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين 20}

صفحة 3617 - الجزء 5

  بضاعة لملك مصر، وقيل: اعتقدوا فيه أنه بضاعة، وكتموا حاله، كأنهم علموا أنهم إن أظهروا ذلك لا يتهيأ لهم بيعه، عن أبي مسلم، وقيل: أتاه يهوذا بالطعام فلم يجده في البئر فأخبر إخوته فطلبوه، فإذا هم بمالك [نزل] في رفقة، وعندهم يوسف، فقالوا: هذا عبدنا أبق منا، وقال وهب: كان يهوذا ينظر من بعد، ولما أخرجوه من الجب أخبر الآخرين فأتوا مالكًا، وقالوا: هذا عبدنا. فقال مالك: أنا أشتريه منكم «وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ» أي: بما يفعلون من أمر يوسف وغيره «وَشَرَوْهُ» أي: باعوه، قيل: إخوة يوسف باعوه، عن ابن عباس، ومجاهد، وأبي علي، وقيل: السيارة هم الَّذِينَ باعوه، عن قتادة، وقيل: الَّذِينَ أخرجوه من الجب باعوه من السيارة، عن الأصم، قال الأصم في قولهم إن إخوته كانوا حضورًا، وقالوا: هو عبد لنا أبق وشروه: أكره أن يلحق هذا بهم؛ لأن همهم كان تنحيه عن أبيه «بِثَمَنٍ بَخْسٍ» ناقص، قليل، وقيل: حرام؛ لأن ثمن الحر حرام، عن الضحاك، ومقاتل، والسدي، والأصم. وقيل: ظلم، عن قتادة، وقيل: قليل، عن عكرمة، والشعبي، وأبي مسلم، قال أبو مسلم: لأن القليل يعني العد فيه عن الوزن، وقيل: زيف «دَراهِمَ» بدل من الثمن «مَعْدُودَةٍ» قيل: قليلة غير موزونة؛ لأن عد القليل يغني عن الوزن، عن أبي مسلم، وقيل: في ذلك الزمان كانوا لا يَزِنون ما نقص عن أوقية وهو أربعون درهمًا، واختلفوا في عدد الدراهم فقيل: كانت عشرين، عن ابن مسعود، وابن عباس، وقتادة، والسدي، فاقتسموها درهمين درهمين، وقيل: اثنين وعشرين، عن مجاهد، وقيل: أربعين، عن عكرمة «وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ» قيل: إخوة يوسف كانوا من الزاهدين فيه وأرادوا إبعاده، ولم يعلموا حاله وكرامته على اللَّه، قال الأصم: وهذا ليس بشيء، وقيل: المستقون زهدوا في شرائه؛ لأنهم وجدوا عليه علامة الأحرار، وأخلاق أهل النبل، فكرهوه مخافة أن تلحقهم تبعة، وقيل: كانوا في نفس يوسف من الزاهدين لم يشتروه للفجور وإنما اشتروه للربح، وقيل: الَّذِينَ باعوه