التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون 21 ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين 22}

صفحة 3621 - الجزء 5

  اسم اللَّه، وقيل: غالب على أمر يوسف يحفظه ويحوطه ويدبر أمره ولا يكله إلى غيره «وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ» ما اللَّه صانع بيوسف، وما تؤول إليه حال يوسف، وقيل: لا يعلمون أنه غالب على أمر يوسف.

  ومتى قيل: (لِنُعَلِّمَهُ) مستقبل، فتدل أنه لم يكن نبيًا من قبل؟

  قلنا: يجوز أن يترادف التعليم من اللَّه تعالى على قدر الحاجة.

  «وَلَمَّا بَلَغَ» يوسف «أَشُدَّهُ» أي: منتهى شبابه وقوته قيل: الأشد من ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنة، عن ابن عباس، وقيل: ثلاثًا وثلاثين سنة، عن مجاهد، وقيل: عشرين سنة، عن الضحاك، وقيل: إلى أربعين سنة، وقيل: إلى ستين سنة «آتَينَاهُ» أعطيناه «حُكْمًا وَعِلْمًا» قيل: العقل والعلم، وقيل: النبوة، عن مجاهد، وقيل: الحكم النبوة، والعلم الشريعة، عن ابن عباس، وقيل: الحكم الدعاء إلى دين اللَّه تعالى، والعلم: علم الشرع، وقيل: الحكم بين الناس، والعلم بوجوه المصالح، والصحيح أنه كان نبيًّا قبل ذلك، والحكم والعلم يؤتى النبي وغير النبي، وقيل: ما آتاه قبل ذلك كانت معجزة لأبيه، ولما بلغ أشده آتاه النبوة، والأول أصح، وقيل: آتاه العلم، ووفقه للعمل به وهو الحكمة «وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» أي: كما جازينا يوسف على صبره كذلك نجزي سائر المحسنين، قيل: المؤمنين، عن ابن عباس، وقيل: المهتدين، وقيل: الصابرين على النوائب، عن الضحاك، وقيل: أراد به محمدًا - صلى اللَّه عليه وعلى آله - كما فعلت بيوسف وأعطيته الملك بعد ما قاسى من البلاء، كذلك أفعل بك، عن ابن جرير.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الذي اشتراه غير صاحب الدلو، اشتراه منه لامرأته.

  وتدل على أنه دبر أمر يوسف حتى مكنه وعلمه وبعثه نبيًّا، واختلفوا فيه على ثلاثة أوجه:

  قيل: أوتي النبوة في الجب، وإنما فوض إليه الأمر أن يحكم، عن الحسن وأبي علي، وقد بَيَّنَّا أنه الصحيح وما قيل فيه.