التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون 21 ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين 22}

صفحة 3620 - الجزء 5

  الريان بن الوليد، ولم يمت حتى آمن بيوسف، فاشترى يوسف منه بأربعين دينارًا وزوج نعل وثوبين أبيضين، عن ابن عباس. وقيل: عرضه على البيع في سوق مصر، فتزايدوا حتى بلغ ثمنه وزنه وَرِقًا، عن وهب، وابتاعه العزيز، وقيل: الذي اشتراه من مصر كان رجلاً «من مصر» أي: من أهل مصر، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه «لِامْرَأَتِهِ» واسمها: راعيل، عن ابن إسحاق، وهي التي تسمى زليخا. «أَكْرِمِي مَثْوَاهُ» أي: عظمي منزله ومقامه، وقوله: «أَكْرِمِي مَثْوَاهُ» أعظم منزلة من قولهم: أكرمته؛ لأن من أكرم غيره لأجله فهو أعظم منزلة ممن يكرمه في نفسه فقط، وقيل: أكرمي منزلته، عن قتادة، وابن جريج. وقيل: إنه رأى في يوسف سيماء الخير، فأوصى أهله به «عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا» أي: يكفينا أمورنا إذا بلغ وعلم الأمور، وقيل: ينفعنا بيعه بثمن صالح، عن أبي علي «أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا» نتبناه، قيل: وكان قطفير لا يأتي النساء، وكانت امرأته حسنة ناعمة طاغية في ملك ودنيا، وقيل: أفرس الناس ثلاثة: العزيز حيث قال لامرأته: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا} وبنت شعيب حيث قالت في موسى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} وأبو بكر حين ولى عمر، عن ابن مسعود. وقيل: لما ابتاعه قال له: من أنت؟ قال: أنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، إنك لإذًا ابن ساداتنا وخيارنا، ومن أهل بيت مَنَّ اللَّه عليهم، ادع اللَّه لي ييسر لي ولدًا، فدعا يوسف فولدت له امرأته أربعة وعشرين ولدًا في اثني عشر بطنًا «وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ» أي: كما خلصناه من الجب وأيدي إخوته، كذلك لطفنا له حتى تمكن في الأرض، وصار ملكا إليه الأمر والنهي، وقيل: لما بلغ يوسف ثلاثين سنة استوزره فرعون مصر «وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ» قيل: علم الغيب معجزة له، فيخبرهم بما يحمل إليه، وقيل: عواقب الأمور، عن أبي مسلم، وقيل: علوم الشرع، وقيل: تأويل الرؤيا، وقيل: جميع ذلك «وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ» أي: قادر لا يعجزه شيء «عَلَى أَمْرِهِ» أي: تدابيره وأفعاله فيفعل ما يشاء، والضمير في «أَمْرِهِ» يعود على