قوله تعالى: {وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين 30 فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم 31}
  مِنْهُنَّ سِكِّينًا «لتقطيع الفواكه التي قدمت إليهن» وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيهِنَّ «وكانت قد أجلسته غير مجلسهن فأمرته بالخروج إما للخدمة أو السلام أو ليرينه «فَلَمَّا رَأَيْنَهُ» وكان كالقمر ليلة البدر «أَكْبَرْنَهُ» وأعظمنه لما وجدن من جماله، وقيل: حضن، وليس بالوجه، وقد بَيَّنَّا «وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ» لما رأينه دهشن وتحيرن فقطعن أيديهن بتلك السكاكين، وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج والفواكه، وقيل: أَبنَّ أيديهن حتى ألقينها، عن قتادة، وقيل: ما أحسسن إلا بالدم، ولم يجدن ألم القطع من شغل قلوبهن به، عن مجاهد «وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ» أي: نزاهة لله من كل سوء أن يكون هذا بشرًا، وقيل: «حاش» كلمة تنزه بها العرب، تقول للرجل: فعلت كذا؟ فيقول الآخر: حاش لله، كما يقال: معاذ اللَّه، وقيل: معناه معاذ اللَّه، وقيل: رفع اللَّه منزلته عن منزلة البشر، فنعوذ بِاللَّهِ أن نقول: هو بشر، بل نقول بأنه ملك كريم «إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ» قلن: كنا نلومك في حب بشر، لا في حب ملك، وقيل: ليس هذا إلا ملكٌ كريم في عفته وإبائه الفاحشة، وكن اعتقدن فضل المَلَكِ على بني آدم.
  · الأحكام: قال أبو علي: تدل الآية على أن الملك أفضل من بني آدم؛ لأنهن ذكرن من هو النهاية في الفضل، ولم ينكر اللَّه تعالى ذلك عليهن.
  وتدل على عظم ما أعطي يوسف من الحسن والجمال.
  وتدل على أنه من نعمه، وروي عن الحسن قال: قسم الحسن بين الناس ثلاثة أجزاء، أعطي يوسف جزءًا، وقسم جزءآن بين الناس، وقيل: كان فضله على غيره كفضل البدر على النجوم.
  وتدل على أنهن شبهن يوسف في العفة بالملك؛ لأنه في الحسن لا يشبه بهم.